أَثَرٌ لِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ (وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) كَمِلْكِ الْمُتْعَةِ وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ وَثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ.
(وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ الْمَقَاصِدُ الدُّنْيَوِيَّةُ اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا، أَوْ الْأُخْرَوِيَّةُ) فَإِنَّ صِحَّةَ الْعِبَادَةِ كَوْنُهَا بِحَيْثُ تُوجِبُ تَفْرِيغَ الذِّمَّةِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي مَفْهُومِهَا اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا إنَّمَا هُوَ الْمَقْصُودُ الدُّنْيَوِيُّ، وَهُوَ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهَا الثَّوَابُ مَثَلًا، وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأُخْرَوِيُّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي مَفْهُومِهِ اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا وَالْوُجُوبُ كَوْنُ الْفِعْلِ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِهِ يُثَابُ، وَلَوْ تَرَكَهُ يُعَاقَبُ فَالْمُعْتَبَرُ
ــ
[التلويح]
تَعَالَى الثَّابِتَ بِخِطَابِهِ. عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحُكْمُ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمًا بِتَعَلُّقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، أَوْ يَكُونَ مُشْعِرًا بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْحُكْمِ إسْنَادُ أَمْرٍ إلَى آخَرَ مَصْدَرُ قَوْلِك حَكَمْت بِكَذَا لَا الْخِطَابُ، وَلَا أَثَرُ الْخِطَابِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَوْرِدُ الْقِسْمَةِ الْحُكْمَ بِمَعْنَى إسْنَادِ الشَّارِعِ أَمْرًا إلَى آخَرَ فِيمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُكَلَّفٌ صَرِيحًا كَالنَّصِّ، أَوْ دَلَالَةً كَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ فَفِي جَعْلِ الْوُجُوبِ وَالْمِلْكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَقْسَامًا لِلْحُكْمِ بِهَذَا الْمَعْنَى تَسَامُحٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ إطْلَاقَ الْحُكْمِ عَلَى خِطَابِ الشَّارِعِ وَعَلَى أَثَرِهِ وَعَلَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَقْصُودُ هَاهُنَا بَيَانُ أَقْسَامِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْحُكْمِ فِي الشَّرْعِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ مَا هُوَ صِفَةُ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ أَيْ فِي مَفْهُومِهِ وَتَعْرِيفِهِ الْمَقَاصِدُ الدُّنْيَوِيَّةُ أَيْ الْحَاصِلَةُ فِي الدُّنْيَا كَتَفْرِيغِ الذِّمَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي مَفْهُومِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ أَوْ الْأُخْرَوِيَّةُ أَيْ الْحَاصِلَةُ فِي الْآخِرَةِ كَالثَّوَابِ عَلَى الْفِعْلِ وَالْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ فِي مَفْهُومِ الْوُجُوبِ وَقَيَّدَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ فِي نَحْوِ الصِّحَّةِ الثَّوَابُ وَفِي نَحْوِ الْوُجُوبِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ لَكِنْ لَا أَوَّلِيًّا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ الدُّنْيَوِيِّ، أَوْ الْأُخْرَوِيِّ ابْتِنَاءَ الْحُكْمِ عَلَى حُكْمٍ وَأَغْرَاضٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالدُّنْيَا، أَوْ الْآخِرَةِ إذْ مِنْ الْبَعِيدِ يُقَالُ: صِحَّةُ الصَّلَاةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حِكْمَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ عَلَى حِكْمَةٍ أُخْرَوِيَّةٍ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّقْسِيمَ إلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَقْصُودٌ دُنْيَوِيٌّ، أَوْ أُخْرَوِيٌّ اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا لَيْسَ حَاصِرًا دَائِرًا بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ بِحَسَبِ الْوُقُوعِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ فِي صِحَّةِ النَّوَافِلِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ قُلْنَا لَزِمَتْ بِالشُّرُوعِ فَحَصَلَ بِأَدَائِهَا تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا عِبَادَةُ الصَّبِيِّ فَفِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى لِمَا سَيَجِيءُ ذِكْرُهُ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ فَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي فِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَا غَيْرُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُعَامَلَاتِ الِاخْتِصَاصَاتُ) أَيْ الْأَغْرَاضُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ كَمِلْكِ الرَّقَبَةِ فِي الْبَيْعِ وَمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْبَيْنُونَةِ فِي الطَّلَاقِ، وَكَذَا مَعْنَى صِحَّةِ الْقَضَاءِ تَرَتُّبُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَمَعْنَى صِحَّةِ الشَّهَادَةِ تَرَتُّبُ لُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا فَمَرْجِعُ ذَلِكَ أَيْضًا إلَى الْمُعَامَلَاتِ فَالْفِعْلُ الْمُتَعَلِّقُ بِمَقْصُودٍ دُنْيَوِيٍّ إنْ وَقَعَ بِحَيْثُ يُوَصِّلُ إلَيْهِ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عَدَمُ إيصَالِهِ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ خَلَلٍ فِي أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ فَبَاطِلٌ وَإِلَّا فَفَاسِدٌ فَالْمُتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ حَقِيقَةً هُوَ الْفِعْلُ لَا نَفْسُ الْحُكْمِ.
نَعَمْ يُطْلَقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute