للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يشرب شربة حلوى (١). وكان حجاج ابنُ فرافصة يبقي أكثر من عشرة أيام لا يأكل ولا يشرب ولا ينام (٢)، وكان بعضهم لا يُبالي بالحرِّ ولا بالبرد كما كان عليٌّ - رضي الله عنه - يلبس لباس

الصَّيف في الشتاء ولباس الشتاء في الصيف، وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دعا له أنْ يُذهب الله عنه الحرَّ والبرد (٣).

فمن كان له قوَّةٌ على مثل هذه الأمور، فعمل بمقتضى قوَّته ولم يُضعفه عن

طاعة الله، فلا حرج عليه، ومن كلَّفَ نفسه ذلك حتى أضعفها عن بعض الواجبات، فإنَّه يُنكر عليه ذلك، وكان السَّلف يُنكرون على عبد الرحمان بن أبي نُعم، حيث كان يترك الأكل مدة حتى يُعاد من ضعفه (٤).

القسم الثالث: ما أجرى الله العادة به في الدنيا في الأعمِّ الأغلب، وقد يخرِقُ العادة في ذلك لمن يشاء من عباده، وهو أنواع:

منها ما يخرقه كثيراً، ويغني عنه كثيراً من خلقه كالأدوية بالنسبة إلى كثيرٍ من البلدان وسكان البوادي ونحوها. وقد اختلف العلماءُ: هل الأفضل لمن أصابه المرض التداوي أم تركه لمن حقَّق التوكل على الله؟ وفيه قولان مشهوران، وظاهر كلام أحمد أنَّ التوكلَ لمن قوي عليه أفضلُ، لِمَا صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:

«يَدخُلُ مِنْ أُمَّتي الجنَّة سبعون ألفاً بغير حساب» ثم قال: «هم الذين لا يتطيَّرون ولا يَسترقون ولا يَكتوون وعلى ربِّهم يتوكَّلون» (٥).

ومن رجح التداوي قال: إنَّهُ حال النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يُداوم عليه، وهو لا يفعلُ إلاّ الأفضلَ، وحمل الحديثَ على الرُّقى المكروهة التي يُخشى منها الشركُ بدليل أنَّه قرنها بالكي والطِّيرة وكلاهما مكروه.

ومنها ما يَخرِقُهُ لِقليلٍ من العامة، كحصول الرِّزق لمن ترك السعي في

طلبه، فمن


(١) أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " ٤/ ٢١٤. …
(٢) أخرجه: أبو نعيم ٣/ ١٠٨ عن سفيان الثوري قال: بت عند الحجاج بن فرافصة إحدى وعشرين يوماً فما أكل ولا شرب ولا نام.
(٣) أخرجه: أحمد ١/ ٩٩ و ١٣٣، وابن ماجه (١١٧)، وهو ضعيف.
(٤) انظر: حلية الأولياء ٤/ ٦٩.
(٥) أخرجه: مسلم ١/ ١٣٧ (٢١٨) (٣٧١) و (٣٧٢).

<<  <   >  >>