للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: لم تكن القراءةُ في المسجد من أمرِ النَّاسِ القديم، وأوَّلُ من أحدثَ ذلك في المسجد الحجاجُ بن يوسف، قال مالك: وأنا أكره ذلك الذي يقرأ في المسجد في المصحف. وقد روى هذا كلَّه أبو بكر النَّيسابوري في كتاب " مناقب مالك رحمه الله ".

واستدل الأكثرون على استحباب الاجتماع لمدارسة القرآن في الجُملة بالأحاديث الدالة على استحباب الاجتماع للذِّكر، والقرآن أفضلُ أنواع الذكر، ففي " الصحيحين " (١) عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إنَّ لله ملائكةً يطوفونَ في الطُّرق، يلتمِسُون أهلَ الذِّكر، فإذا وجدُوا قوماً يذكرون الله - عز وجل -، تنادوا: هلمُّوا إلى حاجتكم، فيحفُّونهم بأجنحتهم إلى السَّماء الدُّنيا، فيسألهُم ربُّهم - وهو أعلمُ بهم -: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبِّحُونَك، ويكبِّرونك، ويحمَدُونك، ويمجِّدونَك، فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوْكَ، فيقول: كيف لو رأوني؟ فيقولون: لو رأوك، كانوا أشدَّ لك عبادة، وأشدَّ لكَ تمجيداً وتحميداً، وأكثر لك تسبيحاً، فيقول: فما يسألوني؟ قالوا: يسألونك الجنَّة، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا ربِّ، ما رأوها، فيقول: كيف لو أنَّهم رأوها؟ فيقولون: لو أنَّهم رأوها، كانوا أشدَّ عليه حرصاً وأشدَّ لها طلباً، وأشدّ فيها رغبةً، قال: فممَّ يتعوَّذونَ؟ فيقولون: من النَّار، قال: يقول: فهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا ربِّ ما رأوها، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنَّهم رأوها، كانوا أشدَّ منها فراراً، وأشدّ لها مخافةً، فيقول الله تعالى: أُشهِدُكم أنِّي قد غفرتُ لهم، فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلانٌ ليس منهم، إنَّما جاء لحاجته، قال: هُمُ الجلساءُ لا يشقى بهم جليسهم».

وفي " صحيح مسلم " (٢) عن مُعاوية: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على حلقةٍ من أصحابه، فقال: «ما يُجلسكُم»؟ قالوا: جلسنا نذكر الله - عز وجل -، ونحمَدُه لما


(١) صحيح البخاري ٨/ ١٠٧ (٦٤٠٨)، وصحيح مسلم ٨/ ٦٨ (٢٦٨٩) (٢٥).
(٢) ٨/ ٧٢ (٢٧٠١) (٤٠).

<<  <   >  >>