للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بعد ذلك وإن عاش ما عاش (١)

وقال الحسن البصري رحمه الله قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل شهداء أمتي رجل قام إلى إمام جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقتله على ذلك فذلك الشهيد منزلته في الجنة بين حمزة وجعفر (٢)

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول بئس القوم قوم لا يأمرون بالقسط وبئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر (٣) وأما الآثار فقد قال

أبو الدرداء رضي الله عنه لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطاناً ظالماً لا يجل كبيركم ولا يرحم صغيركم ويدعوا عليه خياركم فلا يستجاب لهم وتستنصرون فلا تنصرون وتستغفرون فلا يغفر لكم

وسئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء فقال الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه

وقال مالك بن دينار كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى الرجال والنساء منزله يعظهم ويذكرهم بأيام الله عز وجل فرأى بعض بنيه يوماً وقد غمز بعض النساء فقال مهلاً يا بني مهلاً وسقط من سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه في الجيش فأوحى الله تعالى إلى نبي زمانه أن أخبر فلانا الخبر أني لا أخرج من صلبك صديقاً أبداً أما كان من غضبك لي إلا أن قلت مهلاً يا بني مهلاً

وقال حذيفة يأتي على الناس زمان لأن تكون فيهم جيفة حمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم وينهاهم وأوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون عليه السلام إني مهلك من قومك أربعين ألفاً من خيارهم وستين ألفاً من شرارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار قال إنهم لم يغضبوا لغضبي وواكلوهم وشاربوهم

وقال بلال بن سعد إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها فإذا أعلنت ولم تغير أضرت بالعامة وقال كعب الأحبار لأبي مسلم الخولاني كيف منزلتك من قومك قال حسنة

قال كعب إن التوراة لتقول غير ذلك قال وما تقول قال تقول إن الرجل إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ساءت منزلته عند قومه فقال صدقت التوراة وكذب أبو مسلم

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يأتي العمال ثم قعد عنهم فقيل له لو أتيتهم فلعلهم يجدون في أنفسهم فقال أرهب إن تكلمت أن يروا أن الذي بي غير الذي بي وإن سكت رهبت أن آثم

وهذا يدل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف فعليه أن يبعد عن ذلك الموضع ويستتر عنه حتى لا يجري بمشهد منه وقال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد بقلوبكم فإذا لم يعرف القلب المعروف ولم ينكر المنكر نكس فجعل أعلاه أسفله

وقال سهل بن عبد الله رحمه الله أيما عبد عمل في شيء من دينه بما أمر به أو نهى عنه وتعلق به عند فساد الأمور وتنكرها وتشوش الزمان فهو ممن قد قام لله في زمانه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

معناه أنه إذا لم يقدر إلا على نفسه فقام بها وأنكر أحوال الغير بقلبه فقد جاء بما هو الغاية في حقه وقيل للفضيل ألا تأمر وتنهي فقال إن قوماً أمروا ونهوا فكفروا وذلك أنهم لم يصبروا على ما أصيبوا وقيل للثوري

ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فقال إذا انبثق البحر فمن يقدر أن يسكره

فقد ظهر بهذه الأدلة أن الأمر بالمعروف والنهي عن


(١) حديث أبي عبيدة قلت يا رسول الله أي الشهداء أكرم على الله قال رجل قام إلى وال جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقتلهالحديث أخرجه البزار مقتصرا على هذا دون قوله فإن لم يقتله إلى آخره وهذه الزيادة منكره وفيه أبو الحسن غير مشهور لا يعرف
(٢) حديث الحسن البصري مرسلا أفضل شهداء أمتي رجل قام إلى إمام جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقتله على ذلك فذلك الشهيد منزلته في الجنة بين حمزة وجعفر لم أره من حديث الحسن وللحاكم في المستدرك وصحح إسناده من حديث جابر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله
(٣) حديث عمر بئس القوم قوم لا يأمرون بالقسط وبئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر رواه أبو الشيخ ابن حبان من حديث جابر بسند ضعيف وأما حديث عمر فأشار إليه أبو منصور الديلمي بقوله وفي الباب ورواه على بن معبد في
كتاب الطاعة والمعصية من حديث الحسن مرسلا

<<  <  ج: ص:  >  >>