أمه وراءه فرأته يتقيأ وإنما فعل ذلك لأنه أراد أن يجمع بين رضاها وبين صيانة المعدة
وقد قيل لأحمد بن حنبل سئل بشر هل للوالدين طاعة في الشبهة فقال لا فقال أحمد هذا شديد
فقيل له سئل محمد بن مقاتل العباداني عنها فقال بر والديك فماذا تقول فقال للسائل أحب أن تعفيني فقد سمعت ما قالا ثم قال ما أحسن أن تداريهما
مسألة من في يده مال حرام محض فلا حج عليه ولا يلزمه كفارة مالية لأنه مفلس ولا تجب عليه الزكاة إذ معنى الزكاة وجوب إخراج ربع العشر مثلاً وهذا يجب عليه إخراج الكل إما رداً على المالك إن عرفه أو صرفاً إلى الفقراء إن لم يعرف المالك وأما إذا كان مال شبهة يحتمل أنه حلال فإذا لم يخرجه من يده لزمه الحج لأن كونه حلالاً ممكن ولا يسقط الحج إلا بالفقر ولم يتحقق فقره وقد قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً وإذا وجب عليه التصدق بما يزيد على حاجته حيث يغلب على ظنه تحريمه فالزكاة أولى بالوجوب وإن لزمته كفارة فليجمع بين الصوم والإعتاق ليتخلص بيقين
وقد قال قوم يلزمه الصوم دون الإطعام إذ ليس له يسار معلوم
وقال المحاسبي يكفيه الإطعام
والذي نختاره أن كل شبهة حكمنا بوجوب اجتنابها وألزمناه إخراجها من يده لكون احتمال الحرام أغلب على ما ذكرناه فعليه الجمع بين الصوم والإطعام أما الصوم فلأنه مفلس حكماً وأما الإطعام فلأنه قد وجب عليه التصدق بالجميع ويحتمل أن يكون له فيكون اللزوم من جهة الكفارة
مسألة من في يده مال حرام امسكه للحاجة فأراد أن يتطوع بالحج فإن كان ماشياً فلا بأس له لأنه سيأكل هذا المال في غير عبادة فأكله في عبادة أولى
وإن كان لا يقدر على أن يمشي ويحتاج إلى زيادة للمركوب فلا يجوز الأخذ لمثل هذه الحاجة في الطريق كما لا يجوز شراء المركوب في البلد
وإن كان يتوقع القدرة على حلال لو أقام بحيث يستغني به عن بقية الحرام فالإقامة في انتظاره أولى من الحج ماشياً بالمال الحرام
مسألة من خرج لحج واجب بمال فيه شبهة فليجتهد أن يكون قوته من الطيب فإن لم يقدر في قوت الإحرام إلى التحلل فإن لم يقدر فليجتهد يوم عرفة أن لا يكون قيامه بين يدي الله ودعاؤه في وقت مطعمه حرام وملبسه حرام فليجتهد أن لا يكون في بطنه حرام ولا على ظهره حرام فإنا وإن جوزنا هذا بالحاجة فهو نوع ضرورة وما ألحقناه بالطيبات فإن لم يقدر فليلازم قلبه الخوف والغم لما هو مضطر إليه من تناول ما ليس بطيب فعساه ينظر إليه بعين الرحمة ويتجاوز عنه بسبب حزنه وخوفه وكراهته
مسألة سئل أحمد بن حنبل رحمة الله فقال له قائل مات أبي وترك مالاً وكان يعامل من تكره معاملته فقال تدع من ماله بقدر ما ربح فقال له دين وعليه دين فقال تقضي وتقتضى فقال افترى ذلك فقال أفتدعه محتبساً بدينه وما ذكره صحيح وهو يدل على أنه رأى التحري بإخراج مقدار الحرام إذ قال يخرج قدر الربح وائه رأى أن أعيان أمواله ملك له بدلاً عما بذله في المعاوضات الفاسدة بطريق التقاص والتقابل مهما كثر التصرف وعسر الرد وعول في قضاء دينه على أنه يقين فلا يترك بسبب الشبهة