الْإِعَادَةُ مَا لَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ لِيَصِيرَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا، وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ فَسَقَطَتْ الْإِعَادَةُ.
قَالَ (وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ الْفَجْرَ بِغَلَسٍ) لِرِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ صَلَّاهَا يَوْمَئِذٍ بِغَلَسٍ» وَلِأَنَّ فِي التَّغْلِيسِ دَفْعَ حَاجَةِ الْوُقُوفِ فَيَجُوزُ كَتَقْدِيمِ الْعَصْرِ بِعَرَفَةَ
وَأَجَابَ شَيْخُ شَيْخِي الْعَلَّامَةُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَشَاهِيرِ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَعَمِلُوا بِهِ فَجَازَ أَنْ يُزَادَ بِهِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَقُولُ: قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ﴾ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا لَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى تَعْيِينِ الْأَوْقَاتِ، وَإِنَّمَا دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ لِلصَّلَاةِ أَوْقَاتًا، وَتَعْيِينُهَا ثَبَتَ إمَّا بِخَبَرِ جِبْرِيلَ ﵊ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ، أَوْ بِفِعْلِهِ ﵊ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ فَجَازَ أَنْ يُعَارِضَهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يُعْمَلُ بِفِعْلِهِ ﵊ وَهُوَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَضَاءً فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقْتُهُ، وَشُكِّكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ الَّتِي صَلَّاهَا فِي الطَّرِيقِ إمَّا أَنْ وَقَعَتْ صَحِيحَةً أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَجَبَتْ فِيهِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِمُضِيِّ الْوَقْتِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفَسَادَ مَوْقُوفٌ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي ثَانِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ.
قَالَ (وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ الْفَجْرَ بِغَلَسٍ) أَيْ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ الْفَجْرَ بِغَلَسٍ وَالْغَلَسُ ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ، وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ نَاقِلًا عَنْ الدِّيوَانِ آخِرُ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهُوَ أَوْفَقُ لِمَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى مَا سَيَظْهَرُ. قَوْلُهُ (لِرِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ) قَالَ: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى صَلَاةً إلَّا لِوَقْتِهَا إلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ ﵊ جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ قَبْلَ وَقْتِهَا». وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الدَّلِيلُ الْمَنْقُولُ وَالْمَعْقُولُ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ غَيْرُ مُطَابِقَيْنِ لِلْمَدْلُولِ. أَمَّا الْمَنْقُولُ فَلِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ﵊ صَلَّاهَا بِغَلَسٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute