للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الصَّبِيُّ فَمَسْلُوبُ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ، وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُمْ صَلَحُوا لِلْإِمَامَةِ فَيَصْلُحُونَ لِلِاقْتِدَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

(وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا عُذْرَ لَهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْجُمُعَةَ هِيَ الْفَرِيضَةُ أَصَالَةً. وَالظُّهْرُ كَالْبَدَلِ عَنْهَا، وَلَا مَصِيرَ إلَى الْبَدَلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ. وَلَنَا أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ هُوَ الظُّهْرُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِسْقَاطِهِ

لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوهُ، وَإِذَا تَحَمَّلُوهُ يَقَعُ فَرْضًا عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا عَنْهُمْ لَكَانَ مَا فَرَضْنَاهُ لِدَفْعِ الْحَرَجِ حَرَجًا وَذَلِكَ خَلَفٌ بَاطِلٌ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَمَسْلُوبُ الْأَهْلِيَّةِ فَلَنْ يَتَنَاوَلَهُ الْخِطَابُ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ.

وَقَوْلُهُ (وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ) أَيْ بِالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ (الْجُمُعَةُ) إشَارَةً إلَى رَدِّ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ هَؤُلَاءِ تَصِحُّ إمَامَتُهُمْ، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا صَلَحُوا لِلْإِمَامَةِ، فَلَأَنْ يَصْلُحُوا لِلِاقْتِدَاءِ أَوْلَى.

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ عِنْدَهُ الْجُمُعَةَ هِيَ الْفَرِيضَةُ أَصَالَةً) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّعْيِ إلَيْهَا مَنْهِيٌّ عَنْ الِاشْتِغَالِ عَنْهَا بِالظُّهْرِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَوْتُ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا صُورَةُ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ، وَلَا مَصِيرَ إلَى الْبَدَلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ لِأَنَّ فَوَاتَهَا إنَّمَا يَكُونُ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ عَنْ الصَّلَاةِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ ذَلِكَ (وَلَنَا أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضُ هُوَ الظُّهْرُ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً) لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ.

وَالْمُكَلَّفُ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُتَمَكِّنٌ بِنَفْسِهِ مِنْ أَدَاءِ الظُّهْرِ دُونَ الْجُمُعَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى شَرَائِطَ لَا تَتِمُّ بِهِ وَحْدَهُ فَكَانَ التَّكْلِيفُ بِالْجُمُعَةِ تَكْلِيفًا بِمَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ إلَّا أَنَّهُ أَمَرَ بِإِسْقَاطِ الظُّهْرِ بِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهَا فَكَانَ الْعُدُولُ عَنْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ مَكْرُوهًا. وَقَوْلُهُ (هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) تَلْوِيحٌ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ الْجُمُعَةُ وَلَهُ إسْقَاطُهَا بِالظُّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>