وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِيهِمَا يُصَلِّي سِتًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ الْمُؤَدَّى بِهَذِهِ التَّحْرِيمَةِ، وَعِنْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ اسْتَحْكَمَ خُرُوجُهُ عَنْ الْفَرْضِ وَلَوْ أَفْسَدَهُ الْمُقْتَدِي فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارًا بِالْإِمَامِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِعَارِضٍ يَخُصُّ الْإِمَامَ.
قَالَ (وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا
لَا مُلْزِمٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَسَقَطَ أَصْلًا لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ. (وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِيهِمَا لَزِمَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ سِتُّ رَكَعَاتٍ) إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْخَامِسَةِ يَأْتِي بَعْدَ الْإِمَامِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ فِي السَّادِسَةِ يَأْتِي بَعْدَهُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ، يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ فِي تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ لَزِمَهُ مَا أَدَّى بِهَا الْإِمَامُ وَقَدْ أَدَّى الْإِمَامُ سِتًّا (وَعِنْدَهُمَا لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحْكَمَ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْضِ) فَلَا يَلْزَمُ غَيْرُ هَذَا الشَّفْعِ (وَلَوْ أَفْسَدَهُ الْمُقْتَدِي لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارًا بِمَا إذَا أَفْسَدَهُ الْإِمَامُ) فَإِنَّ حَالَ الْمَأْمُومِ لَا يَكُونُ أَقْوَى حَالًا مِنْ الْإِمَامِ وَإِلَّا لَزِمَ زِيَادَةُ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِعَارِضٍ يَخُصُّ الْإِمَامَ) تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ الشُّرُوعُ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْإِبْطَالِ قَامَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، فَكَذَا فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ لِبِنَاءِ صَلَاتِهِ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا عَمَلًا بِالْمُقْتَضِي إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ عَنْ الْإِمَامِ بِعَارِضٍ يَخُصُّهُ وَهُوَ شُرُوعُهُ فِي النَّفْلِ لَا عَلَى قَصْدِ النَّفْلِ، وَمَا خُصَّ بِهِ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَيْضًا قَوِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى وُجُودِ الْمُقْتَضِي، وَفَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَى الرَّابِعَةِ بِأَنَّ هُنَاكَ بَطَلَ فَرْضُهُ وَكَانَ الْإِحْرَامُ فِي الِابْتِدَاءِ مُنْعَقِدًا لِسِتٍّ، فَإِذَا اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ لَزِمَهُ مُوجِبُ تِلْكَ التَّحْرِيمَةِ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَقَدْ تَمَّ فَرْضُهُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَشَرَعَ فِي النَّفْلِ وَالْمُقْتَدِي اقْتَدَى بِهِ فِي النَّفْلِ فَلَا يَلْزَمُ غَيْرُ رَكْعَتَيْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَاكَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَيَلْزَمُ الْجَمِيعُ، وَهَاهُنَا صَلَاتَيْنِ فَيَلْزَمُ الْأَخِيرَةُ. قِيلَ كَانَ مِنْ حَقِّ الْكَلَامِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ وَبِدَلِيلِ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ الِاخْتِلَافَ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ وَقَفَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ فَنَقَلَهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا مُتَّفِقِينَ عَلَيْهِمَا فِي مَسْأَلَةِ اتِّفَاقِهِمَا فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ.
قَالَ (وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا) الْأَصْلُ أَنَّ وُقُوعَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَيْنَ شَفْعَيْ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، ثُمَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّفْعَانِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute