لِمُحَمَّدٍ عَلَى مَا مَرَّ (فَيَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً سَادِسَةً وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَظْنُونٌ، ثُمَّ إنَّمَا يَبْطُلُ فَرْضُهُ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ سُجُودٌ كَامِلٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِرَفْعِهِ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ وَهُوَ الرَّفْعُ وَلَمْ يَصِحَّ مَعَ الْحَدَثِ
وَالنَّفَلِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ أَحَدُ الْمُتَنَافِيَيْنِ فَيَنْتَفِي الْآخَرُ ضَرُورَةً.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بِوُجُودِ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ أَرْبَعٍ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ اسْتَحْكَمَ الشُّرُوعَ فِي النَّفْلِ لِمَ لَا يَمْنَعُ مَا سَبَقَ مِنْ رَكَعَاتِ الْمَكْتُوبَةِ عَنْ الِاسْتِحْكَامِ سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ مَا سَبَقَ مِنْ رَكَعَاتِ الْمَكْتُوبَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَشَدَّ اسْتِحْكَامًا لِكَوْنِهِ كَثِيرًا وَفَرْضًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَاوَاةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ بُطْلَانُ الْفَرْضِ أَوْلَى مِنْ بُطْلَانِ النَّفْلِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاسْتِحْكَامَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ وَقَدْ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتُمْ مَانِعًا لَمَا تَحَقَّقَ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِبُطْلَانِ الْفَرْضِ بُطْلَانُ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ بُطْلَانَ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ وَتَحَوُّلَهُ نَفْلًا أَوْلَى مِنْ بُطْلَانِ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَوَصْفِهَا وَفِي إبْطَالِ النَّفْلِ ذَلِكَ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى. وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ ﵊ كَانَ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الرَّابِعَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الرَّاوِي «صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا» وَالظُّهْرُ اسْمٌ لِجَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَمِنْهَا الْقَعْدَةُ، وَإِنَّمَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ حَمْلًا لِفِعْلِهِ ﵊ عَلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ.
وَقَوْلُهُ: (عَلَى مَا مَرَّ) إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَ فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ. وَقَوْلُهُ: (فَيَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً سَادِسَةً) يَعْنِي عِنْدَهُمَا، وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ بِالْفَسَادِ لَا يُجْبَرُ بِالسَّجْدَةِ (وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَظْنُونٌ) وَالْمَظْنُونُ غَيْرُ مَضْمُونٍ (ثُمَّ إنَّمَا يَبْطُلُ فَرْضُهُ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ سُجُودٌ كَامِلٌ)؛ لِأَنَّ السُّجُودَ حَقِيقَةٌ فِي وَضْعِ الْجَبْهَةِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِرَفْعِهِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ وَهُوَ الرَّفْعُ وَلَمْ يَصِحَّ الرَّفْعُ مَعَ الْحَدَثِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute