بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِيهِ بِالنَّهَارِ عَلَى قُرْبٍ مِنْهُ، وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَاحِدَةٍ، وَكَذَا الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَلَا يَشْتَبِهُ.
وَالثَّانِي أَنَّ التَّوْفِيقَ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيمَا ثَبَتَ بِالشُّبُهَاتِ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ إمْكَانُهُ فِيمَا يُدْرَأُ بِهَا.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ احْتِيَالًا لِإِثْبَاتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ فِي اخْتِلَافِ مَا كُلِّفَا نَقْلَهُ وَهُوَ مِنْ صُلْبِ الشَّهَادَةِ كَبَيَانِ قِيمَةِ الْمَسْرُوقِ لِيُعْلَمَ هَلْ كَانَ نِصَابًا فَيُقْطَعُ بِهِ أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي اخْتِلَافِ مَا لَمْ يُكَلَّفَا نَقْلَهُ كَلَوْنِ ثِيَابِ السَّارِقِ وَأَمْثَالِهِ فَاعْتِبَارُ التَّوْفِيقِ فِيهِ لَيْسَ احْتِيَالًا لِإِثْبَاتِ الْحَدِّ لِإِمْكَانِ ثُبُوتِهِ بِدُونِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ بَيَانِ لَوْنِ الْبَقَرَةِ مَا كَلَّفَهُمَا الْقَاضِي بِذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يُكَلَّفَا نَقْلَهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ، بِخِلَافِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَإِنَّهُمَا يُكَلَّفَانِ النَّقْلَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِمَا فَكَانَ اخْتِلَافًا فِي صُلْبِ الشَّهَادَةِ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ جَوَابُ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ اعْتِبَارُ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ، أَوْ يُقَالُ التَّصْرِيحُ بِالتَّوْفِيقِ يُعْتَبَرُ فِيمَا كَانَ فِي صُلْبِ الشَّهَادَةِ وَإِمْكَانُهُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغَصْبِ) جَوَابٌ عَنْ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ بِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِيهِ بِالنَّهَارِ إذْ الْغَصْبُ يَكُونُ فِيهِ غَالِبًا عَلَى قُرْبٍ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: (وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَشْهَدَا بِهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِهِمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَاحِدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute