للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَلِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ وَبَقَاءَ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ بِدُونِهِ جَائِزٌ (وَكَذَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ، وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ) لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إبْرَاءٌ مُوَقَّتٌ فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا الدَّيْنُ حَالَ وُجُودِ الْكَفَالَةِ فَصَارَ الْأَجَلُ دَاخِلًا فِيهِ، أَمَّا هَاهُنَا فَبِخِلَافِهِ.

(وَإِنْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ)؛ لِأَنَّ عَلَى الْكَفِيلِ الْمُطَالَبَةَ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ، وَسُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ أَصْلِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ بِدُونِ الطَّلَبِ أَوْ بِدُونِ الْكَفِيلِ جَائِزٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ مَا سَقَطَ الدَّيْنُ عَنْ الْأَصِيلِ (وَإِنْ أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ كَفِيلِهِ، وَإِنْ أَخَّرَ عَنْ كَفِيلِهِ لَا يَكُونُ تَأْخِيرًا عَنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إبْرَاءٌ مُوَقَّتٌ) لِإِسْقَاطِ الْمُطَالَبَةِ إلَى غَايَةٍ (فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ) وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا اعْتِبَارٌ مَعَ عَدَمِ التَّسَاوِي وَهُوَ بَاطِلٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ رَدَّ الْإِبْرَاءَ الْمُؤَبَّدَ لَمْ يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ بَلْ يَثْبُتُ الْإِبْرَاءُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ، وَلَوْ رَدَّ الْإِبْرَاءَ الْمُوَقَّتَ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا ضَمِنَهُ حَالًّا. وَالْجَوَابُ أَنَّ اعْتِبَارَ شَيْءٍ بِغَيْرِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِيَ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا لَا يَبْقَى الِاعْتِبَارُ.

نِعْمَ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ فَارِقٍ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِ بَيْنَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا الرَّدَّ دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُؤَبَّدَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ مُطَالَبَةٍ، وَالْإِسْقَاطُ الْمَحْضُ لَا يَقْبَلُ الرَّدَّ كَإِسْقَاطِ الْخِيَارِ، وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ الْمُوَقَّتُ فَهُوَ تَأْخِيرُ مُطَالَبَةٍ لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطٌ وَلِهَذَا يَعُودُ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَالتَّأْخِيرُ قَابِلٌ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابَ دَخَلَ. تَقْرِيرُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَا يَكُونُ تَأْخِيرًا عَنْ الْأَصِيلِ، فَإِنَّ الْكَفِيلَ إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَأْخِيرًا عَنْ الْأَصِيلِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَأْخِيرٍ عَنْ الْكَفِيلِ بَلْ هُوَ تَأْخِيرٌ لِأَصْلِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ التَّأْجِيلَ فِي ابْتِدَاءِ الْكَفَالَةِ، وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ حَقٌّ لِلطَّالِبِ سِوَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ الْحَاصِلَةَ بِالْكَفَالَةِ لَمْ تَثْبُتْ بَعْدَ تَعَيُّنِ تَأْخِيرِهِ، وَإِذَا كَانَ تَأْخِيرُ أَصْلِ الدَّيْنِ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَعَنْ الْكَفِيلِ جَمِيعًا. (أَمَّا هَاهُنَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>