لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُوزَنُ عَادَةً وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ثِقَلِهِ بِالْوَزْنِ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ نَفْسَهُ مَرَّةً بِصَلَابَتِهِ وَيَثْقُلُ أُخْرَى، بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْحَالِ يُعَرِّفُ قَدْرَ الدُّهْنِ إذَا مِيزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّجِيرِ، وَيُوزَنُ الثَّجِيرُ.
قَالَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَا: لَا يَجُوزُ «لِقَوْلِهِ ﵊ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ أَوَ يَنْقُصُ إذَا جَفَّ؟ فَقِيلَ نَعَمْ، فَقَالَ ﵊: لَا إذًا»
إذَا ذُبِحَ وَوُزِنَ السَّقَطُ وَهُوَ مَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّحْمِ كَالْجِلْدِ وَالْكَرِشِ وَالْأَمْعَاءِ وَغَيْرِهَا يُعْرَفُ بِهِ قَدْرُ اللَّحْمِ، فَكَانَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِهِ بَيْعَ مَوْزُونٍ بِمَا لَيْسَ بِمَوْزُونٍ. وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْجِنْسَيْنِ أَيْضًا، فَإِنَّ اللَّحْمَ غَيْرُ حَسَّاسٍ وَالْحَيَوَانُ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ وَالْبَيْعُ فِيهِ جَائِزٌ مُتَفَاضِلًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ وَلَمْ يَشْمَلْهُمَا الْوَزْنُ جَازَ الْبَيْعُ نَسِيئَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ. أُجِيبَ بِأَنَّ النَّسِيئَةَ إنْ كَانَتْ فِي الشَّاةِ الْحَيَّةِ فَهُوَ سَلَمٌ فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ فَهُوَ سَلَمٌ فِي اللَّحْمِ وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ.
(قَالَ وَيَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ) بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَمِثْلًا بِمِثْلٍ جَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ خَاصَّةً (وَقَالَا: لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ ﷺ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ «سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَقَالَ أَيَنْقُصُ إذَا جَفَّ؟ فَقِيلَ نِعْمَ، قَالَ: لَا إذَا» أَيْ لَا يَجُوزُ عَلَى تَقْدِيرِ النُّقْصَانِ بِالْجَفَافِ. وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْجَفَافِ وَبِالْكَيْلِ فِي الْحَالِ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقَالَ ﵊) هُوَ الدَّلِيلُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute