للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَبَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُتَفَاضِلًا، وَلَا مُتَسَاوِيًا) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْمَقْلِيَّةِ وَلَا بَيْعُ السَّوِيقِ بِالْحِنْطَةِ، فَكَذَا بَيْعُ أَجْزَائِهِمَا لِقِيَامِ الْمُجَانَسَةِ مِنْ وَجْهٍ.

وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ.

كَالْمُجَازَفَةِ فِي احْتِمَالِ الزِّيَادَةِ (فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ كَيْلًا بِكَيْلٍ) قَبْلَ حُرْمَةِ الرِّبَا حُرْمَةٌ تَتَنَاهَى بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْأَصْلِ، وَعَلَى مَا ذَكَرْتُمْ فِي هَذَا الْفَرْعِ تَثْبُتُ حُرْمَةٌ لَا تَتَنَاهَى فَصَارَ مِثْلَ ظِهَارِ الذِّمِّيِّ عَلَى مَا عُرِفَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا تَتَنَاهَى بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْحِنْطَةِ أَوْ فِي الشُّبْهَةِ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ فَإِنَّ حُرْمَةَ النَّسَاءِ لَا تَتَنَاهَى بِالْمُسَاوَاةِ، وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ لَكِنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الثَّانِي. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْحُرْمَةُ تَتَنَاهَى بِالْمُسَاوَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا تَتَحَقَّقُ.

وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا بِكَيْلٍ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَهُوَ وُجُودُ الْمُسَوِّي وَمُتَسَاوِيًا وَكَيْلًا بِكَيْلٍ، قِيلَ حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأَوَّلِ بَيْعُ وَفِي الثَّانِي مُتَسَاوِيًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مُتَرَادِفَيْنِ. وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الثَّانِيَةِ نَفْيُ تَوَهُّمِ جَوَازِ الْمُسَاوَاةِ وَزْنًا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّ بَيْعَ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ.

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُتَسَاوِيًا وَلَا مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّ الدَّقِيقَ أَجْزَاءُ حِنْطَةٍ غَيْرُ مَقْلِيَّةٍ وَالسَّوِيقُ أَجْزَاؤُهَا مَقْلِيَّةٌ فَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَجْزَاءِ بَعْضٍ بِالْآخَرِ لِقِيَامِ الْمُجَانَسَةِ مِنْ وَجْهٍ فَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَجْزَاءِ بَعْضٍ بِأَجْزَاءِ بَعْضٍ آخَرَ. وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>