أَنَّهُ ﷺ فَعَلَ كَذَلِكَ.
قَالَ (وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ وَاظَبَ عَلَيْهِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا: لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَنْفِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لِقَوْلِهِ ﵊ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةَ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀
وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ) تَقْدِيمُ الْأَنْفِ عَلَى الْجَبْهَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَنْفَ أَقْرَبُ إلَى الْأَرْضِ فَيَضَعُهُ أَوَّلًا لِمَا مَرَّ. وَقَوْلُهُ: (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْجَبْهَةَ جَازَ بِاتِّفَاقِ عُلَمَائِنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْفَ (جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَيُكْرَهُ، وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ ﵊ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةَ»: أَيْ عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْجَبْهَةِ. قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ وَضْعَ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ جَازَتْ سَجْدَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ تِلْكَ السَّبْعَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ السَّجْدَةِ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ لَا عَلَى أَنَّ وَضْعَهَا لَازِمٌ لَا مَحَالَةَ، وَالْأَنْفُ غَيْرُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلسَّجْدَةِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ السُّجُودَ يَتَحَقَّقُ بِوَضْعِ بَعْضِ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ جَمِيعِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّ الْأَنْفَ وَالْجَبْهَةَ عَظْمَاتُ نَاتِئَانِ يَمْنَعَانِ وَضْعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute