لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ (فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)؛ لِأَنَّ الرَّدَّ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ بِرِضَا الْبَائِعِ فَيَصِيرُ هُوَ بِالْبَيْعِ حَابِسًا لِلْمَبِيعِ فَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ (فَإِنْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ، أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ) لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى الْفَسْخِ فِي الْأَصْلِ بِدُونِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ، وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ مَعَهَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ فَامْتَنَعَ أَصْلًا (وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ)؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لِحَقِّ الشَّرْعِ لَا لِحَقِّهِ (فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا رَأَى الْعَيْبَ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ)؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مُمْتَنِعٌ أَصْلًا قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ بِالْبَيْعِ حَابِسًا لِلْمَبِيعِ.
وَعَنْ هَذَا
يَرِدَ عَلَى الْأَصْلِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ أَوْ عَلَيْهِ مَعَهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ وَالْفَسْخُ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ وَالِامْتِنَاعُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ فِي حَقِّ الشَّرْعِ لِكَوْنِهِ رِبًا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُهُ فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ بِالْعَيْبِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. وَلَا يُشْكِلُ بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْبَيْعِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ فِي الزِّيَادَةِ مُمْكِنٌ تَبَعًا لِلْأَصْلِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا تَمَحَّضَتْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بِاعْتِبَارِ التَّوَلُّدِ. بِخِلَافِ الصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ إمَّا مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ. فَالْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَبِيعِ كَالْجَمَالِ وَالْحُسْنِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ تَمْنَعُ عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ تَمْنَعُ مِنْهُ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْكَسْبِ لَا تَمْنَعُ، لَكِنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ أَنْ يُفْسَخَ الْعَقْدُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَتُسَلَّمُ الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا، بِخِلَافِ الْوَلَدِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَسْبَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ بِحَالٍ مَا لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَالْمَنَافِعُ غَيْرُ الْأَعْيَانِ وَلِهَذَا كَانَتْ مَنَافِعُ الْحُرَّةِ مَالًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحُرُّ مَالًا وَالْوَلَدُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُسَلَّمَ لَهُ مَجَّانًا لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّبَا، فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ الْمَخِيطَ أَوْ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْحُمْرَةِ أَوْ السَّوِيقَ الْمَلْتُوتَ بِالسَّمْنِ بَعْدَ مَا رَأَى الْعَيْبَ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ لِأَنَّ الرَّدَّ كَانَ مُمْتَنِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ حَابِسًا بِالْمَبِيعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ كَانَ حَابِسًا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَكُونُ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَيُمْكِنُهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَيُمْكِنُهُ الرَّدُّ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ
(وَعَنْ هَذَا) أَيْ عَمَّا قُلْنَا إنَّ الْمُشْتَرِيَ مَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute