للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى التَّهَجُّدِ.

وَقَوْلُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُك لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَشَاهِيرِ فَلَا يَأْتِي بِهِ فِي الْفَرَائِضِ.

وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالتَّوَجُّهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ لِتَتَّصِلَ بِهِ النِّيَّةُ هُوَ الصَّحِيحُ

(وَيَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ مَعْنَاهُ: إذَا أَرَدْت قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ لِيُوَافِقَ الْقُرْآنَ،

مَا اشْتَهَرَ فِيهِ الْأَثَرُ، وَلِهَذَا لَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَجَلَّ ثَنَاؤُك فِي الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَشَاهِيرِ. وَقَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى أَلَّا يَأْتِيَ بِالتَّوَجُّهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَجَّهْتُ وَجْهِي بَعْدَ النِّيَّةِ (قَبْلَ التَّكْبِيرِ لِتَتَّصِلَ النِّيَّةُ بِهِ) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ.

وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّهُ يَقُولُهَا قَبْلَ التَّكْبِيرِ مِنْهُمْ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعَزِيمَةِ وَلِيَكُونَ عَمَلًا بِمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ.

وَوَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَطْوِيلِ مُكْثِهِ فِي الْمِحْرَابِ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَا يُصَلِّي، وَهُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ «مَالِي أَرَاكُمْ سَامِدِينَ».

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ لَا يَرَى بِذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ «أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ". وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ الْآيَةَ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فَرْضًا كَمَا قَالَ بِهِ عَطَاءٌ، إلَّا أَنَّ السَّلَفَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا قَالَ مَعْنَاهُ إذَا أَرَدْت قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ نَفْيًا لِقَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ عَمَلًا بِحَرْفِ الْفَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»، وَقِيلَ الْفَاءُ هَاهُنَا لِلْحَالِ كَمَا يُقَالُ: إذَا دَخَلْت عَلَى الْأَمِيرِ فَتَأَدَّبْ: أَيْ إذَا أَرَدْت الدُّخُولَ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ. وَقَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى) بَيَانُ لَفْظٍ يَتَعَوَّذُ بِهِ فَإِنَّ فِيهِ لِلْقُرَّاءِ اخْتِلَافًا، وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ (أَنْ يَقُولَ: أَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ لِيُوَافِقَ الْقُرْآنَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>