لَهُ قَوْلُهُ ﷺ «لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ صَيْدٍ مَا لَمْ يَصِدْهُ أَوْ يُصَدْ لَهُ» وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ تَذَاكَرُوا لَحْمَ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، فَقَالَ ﷺ لَا بَأْسَ بِهِ» وَاللَّامُ فِيمَا رُوِيَ لَامُ تَمْلِيكٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنْ يُهْدِيَ إلَيْهِ الصَّيْدُ دُونَ اللَّحْمِ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنْ يُصَادَ بِأَمْرِهِ. ثُمَّ شُرِطَ عَدَمُ الدَّلَالَةِ، وَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ مُحَرَّمَةٌ،
يَعْنِي أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَكُونَ الِاصْطِيَادُ لَهُ سَوَاءً أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ. وَقَوْلُهُ: (تَذَاكَرُوا لَحْمَ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ) يُرِيدُ بِهِ مَا رُوِيَ «عَنْ طَلْحَةَ أَنَّهُ قَالَ تَذَاكَرْنَا لَحْمَ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَائِمٌ فِي حُجْرَتِهِ، فَقَالَ: فِيمَ أَنْتُمْ؟ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ ﵊: لَا بَأْسَ بِهِ». وَقَوْلُهُ: (وَاللَّامُ فِيمَا رُوِيَ) يَعْنِي مَالِكًا مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ يُصَادُ لَهُ (لَامُ تَمْلِيكٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنْ يُهْدَى إلَيْهِ الصَّيْدُ دُونَ اللَّحْمِ)، وَهَذَا لِأَنَّ تَمْلِيكَ الصَّيْدِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا أُهْدِيَ الصَّيْدُ إلَى الْمُحْرِمِ لَا فِيمَا إذَا أُهْدِيَ إلَيْهِ اللَّحْمُ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ لَا يُسَمَّى صَيْدًا حَقِيقَةً فَيَكُونُ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ حُرْمَةَ تَنَاوُلِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَبِهِ نَقُولُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ «أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ» (أَوْ يَكُونُ مَعْنَى أَوْ يُصَادُ لَهُ يُصَادُ بِأَمْرِهِ) وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ بِالرَّفْعِ أَوْ يُصَادُ، وَحِينَئِذٍ لَا تَمَسُّكَ لَهُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحِلَّ إذَا صَادَ غَيْرَهُ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُغَيَّا لَا عَلَى الْغَايَةِ، وَرِوَايَةُ كُتُبِ الْحَدِيثِ مِثْلُ سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ بِالْأَلِفِ هَكَذَا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ عَلَى مَا رُوِيَ أَوْ يُصَدْ لَهُ لِيَصِيرَ مَعْطُوفًا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute