وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ لِمَكَانِ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ لَا؛ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مُؤْذٍ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ ظَاهِرًا.
(وَإِذَا صَالَ السَّبُعُ عَلَى الْمُحْرِمِ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَقَالَ زُفَرٌ: يَجِبُ الْجَزَاءُ اعْتِبَارًا بِالْجَمَلِ الصَّائِلِ. وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَتَلَ سَبُعًا وَأَهْدَى كَبْشًا وَقَالَ: إنَّا ابْتَدَأْنَاهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ التَّعَرُّضِ لَا عَنْ دَفْعِ الْأَذَى، وَلِهَذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي دَفْعِ الْمُتَوَهَّمِ مِنْ الْأَذَى كَمَا فِي الْفَوَاسِقِ فَلَأَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي دَفْعِ الْمُتَحَقَّقِ مِنْهُ أَوْلَى،
الشَّرْعُ بِتَقْدِيرٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ بِرَأْيٍ؛ لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ تُعْرَفُ سَمَاعًا؛ (وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ لِمَكَانِ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ)، إذْ اللَّحْمُ غَيْرُ مَأْكُولٍ (لَا لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ) كَمَا فِي بَعْضِ السِّبَاعِ، وَالْفِيلُ يَعْلَمُهُ أَهْلُ الْهِنْدِ الْمُحَارِبَةُ بِحَيْثُ يَكْسِرُ الْعَسْكَرَ، وَهُوَ مَعْنًى مَطْلُوبٌ لِلْمُلُوكِ وَالسَّلَاطِينِ لَكِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الصَّيْدِيَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَلَا لِأَجْلِ مَعْنَى الْإِيذَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ مَعْنًى لَا تَقَوُّمَ لَهُ شَرْعًا فَبَقِيَ اعْتِبَارُ الْجِلْدِ (وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ ظَاهِرًا)
وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا صَالَ السَّبُعُ عَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ: وَثَبَ (فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ زُفَرُ: يَجِبُ الْجَزَاءُ) عَلَيْهِ (اعْتِبَارًا بِالْجَمَلِ) إذَا صَالَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْإِنْسَانُ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِيمَتُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، (وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَتَلَ سَبُعًا وَأَهْدَى كَبْشًا، وَقَالَ: إنَّا ابْتَدَأْنَاهُ) عَلَّلَ الْإِهْدَاءَ بِالِابْتِدَاءِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدَّفْعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلتَّعْلِيلِ فَائِدَةٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي خِطَابَاتِ الشَّرْعِ، أَمَّا فِي الرِّوَايَاتِ فَيَدُلُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ عُمَرَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بِمَنْزِلَةِ خِطَابَاتِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ فَلَا يُفِيدُهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِهِ، وَقَوْلُهُ: رِوَايَةً فَيُفِيدُهُ. وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ التَّعَرُّضِ) اسْتِدْلَالٌ بِدَلَالَةِ حَدِيثِ الْفَوَاسِقِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ قَتْلَهَا أُبِيحَ دَفْعًا لِلْأَذَى الْمَوْهُومِ، فَلَأَنْ يُبَاحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute