السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في الجمع: والمختار أنه لم يثبت وقوعه اهـ
وفهمه بعضهم على أن مراده أن مختاره أنه لم يقع، وليس كذلك، وإنما مراده أنه وإن كان جائزا عقلا لم يثبت أنه سيقع، لتعارض الأحاديث، خلافا لابن الحاجب، القائل بثبوت أنه سيقع، كما بينه الشربيني - رحمه الله سبحانه وتعالى -.
ومقتضى ثاني البيتين أن خلو الزمان عن مجتهد جائز عقلا قطعا، وشرعا على احتمال، ومقتضى أولهما أنه لا يقع، والحكم بأنه لا يقع هو الحكم بالمنع، فإن كان عن عقل، نافى أول شطري البيت الثاني، وإن كان عن شرع، نافى الاحتمال في الشطر الثاني.
وقوله في النشر: يعني أنه لم يقع في الأرض خلو الزمان عن مجتهد اهـ
يريد: ولا يقع، بدليل بقية كلامه.
وإن بقول ذي اجتهاد قد عمل … من عم فالرجوع عنه منحظل
سيأتي الاختلاف في تعين التزام مذهب معين، وأن الأصح وجوبه، وعلى مقابله إذا استفتى العامي - وهو المقصود بقوله رحمه الله سبحانه وتعالى: من عم - المجتهد في حادثة، وأفتاه فيها، وعمل بما أفتاه به، ثم حدثت له مرة أخرى، وجب عليه العمل فيها بما أفتاه به، ولا يجوز له الرجوع إلى غيره، لأنه التزم قوله بالعمل به.
ومقتضى هذا أنه قبل العمل، بفتواه بالخيار، وفيه خلاف أشار إليه - رحمه الله سبحانه وتعالى - بقوله:
إلا فهل يلزم أو لا يلزم … إلا إذا شرع أو يلتزم
والمعنى أنه اختلف قبل عمله بقوله، فقيل: لا يجوز له أن يعرض عن فتواه، ويسأل غيره، بل يتعين عليه العمل بمجرد الفتوى، لأنها في حقه كالدليل في حق المجتهدين.
وقيل: لا يلزمه الأخذ بفتواه، إلا إذا شرع في العمل بها، وقيل: لا يلزمه العمل بفتواه إلا أن يلتزم العمل بها، فإن التزم العمل بها، تعينت عليه وإن لم يشرع في العمل.
والمراد بالتزامها: أن يصمم على التمسك بها كما في حاشية العطار - رحمه الله سبحانه وتعالى - وقيل: يلزمه العمل إن وقع في نفسه صحتها.
وقول الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى -: أو يلتزم، إشارة إلى قول آخر، غير القول