للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما ذَكر أحد ممّن رأى الخَضر أنه رآه على خِلقة عظيمة، وهو من أقدم الناس.

الوجه الثاني: أنه لو كان الخَضر قبل نُوح لركب معه في السفينة، ولم يَنقل هذا أحد.

الوجه الثالث: أنه قد اتّفق العلماء أن نوحًا لما نَزل [من] (١) السفينة [مات] (٢) من كان معه، ثم مات نسلُهم، ولم يَبق غير نَسل نوح، والدليل على هذا قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)[الصافات: ٧٧]، وهذا يُبطل قول من قال إنه كان قبل نوح.

الوجه الرابع: أن هذا لو كان صحيحًا أن بَشرًا من بني آدم يَعيش من حين يُولد إلى آخر الدهر، ومولده قبل نوح، لكان هذا من أعظم الآيات والعجائب، وكان خبره في القرآن مَذكورًا في غير موضع؛ لأنه من أعظم آيات الربوبية، وقد ذكر الله من استحياه ألف سنة إلا خمسين عامًا، وجعله آية، فكيف بمن أحياه إلى آخر الدهر، ولهذا قال بعض أهل العلم: ما أَلقى هذا بين الناس إلا شيطان (٣).

الوجه الخامس: أن القول بحياة الخَضر قول على الله بلا علم، وذلك حرام بنص القرآن.

أما المقدمة الثانية فظاهرة.

وأما الأولى: فإن حَياته لو كانت ثابتة لَدلّ عليها القرآن، أو السنة،


(١) في الأصل: "في"، والتصويب من نسخة المعلمي.
(٢) في الأصل: "فمات"، والتصويب من نسخة المعلمي.
(٣) تقدم عزوه (ص ٦٤)، ولا يزال الكلام لابن الجوزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>