فَلَمَّا اصْطَفَّ النَّاسُ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ أَوْلَانَا بِالْحَقِّ فَانْصُرْهُ.
وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ فَقَالَ: " يَا رَبِّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ فَلَنْ تُعْبَدَ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا ".
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ.
فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَأَصَابَ عَيْنَيْهِ وَمَنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ تُرَابٌ مِنْ تِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
وَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ إِلَى إِبْلِيسَ فَلَمَّا رَآهُ، وَكَانَتْ يَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، انْتَزَعَ إِبْلِيسُ يَدَهُ ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرًا وَشِيعَتُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا سُرَاقَةُ أَمَا زَعَمْتَ أَنَّكَ لَنَا جَارٌ؟ قَالَ: إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَالله شَدِيد الْعقَاب.
وَذَلِكَ حِين رأى الْمَلَائِكَة.
وَرَاه الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ.
* * * [وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مَسْعَدَةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن الْمُنْذر الحزامى، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عمرَان، حَدثنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافع، قَالَ: لما رأى إِبْلِيس مَا فعل الْمَلَائِكَةُ بِالْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَشْفَقَ أَنْ يَخْلُصَ إِلَيْهِ، فَتَشَبَّثَ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ سُرَاقَةُ بْنُ
مَالِكٍ، فَوَكَزَ فِي صدر الْحَارِث ثُمَّ خَرَجَ هَارِبًا حَتَّى أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَظِرَتَكَ إِيَّايَ، وَخَافَ أَنْ يَخْلُصَ الْقَتْلُ إِلَيْهِ.
وَأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ لَا يَهُولَنَّكُمْ خِذْلَانُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ كَانَ على معياد مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَا يَهُولَنَّكُمْ قَتْلُ شَيْبَةَ وَعُتْبَةَ والوليد فَإِنَّهُم قد عجلوا، فو اللات والعزى لَا نرْجِع حَتَّى نفرقهم بالجبال، فَلَا أُلْفِيَنَّ رَجُلًا مِنْكُمْ قَتَلَ رَجُلًا، وَلَكِنْ خُذُوهُمْ أَخْذًا حَتَّى تُعَرِّفُوهُمْ سُوءَ صَنِيعِهِمْ، مِنْ مفارقتهم إيَّاكُمْ ورغبتهم عَن اللات والعزى.
(٢٨ - السِّيرَة ٢)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute