وَقَدْ قَامَ أَبُو طَالِبٍ حِينَ رَأَى قُرَيْشًا يَصْنَعُونَ مَا يَصْنَعُونَ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عبد الْمُطَّلِبِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقِيَامِ دُونَهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَقَامُوا مَعَهُ وَأَجَابُوهُ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي
لَهَبٍ عَدُوِّ اللَّهِ.
فَقَالَ فِي ذَلِكَ يَمْدَحُهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى مَا وَافَقُوهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَدَبِ وَالنُّصْرَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إِذَا اجْتَمَعَتْ يَوْمًا قُرَيْشٌ لِمَفْخَرٍ * فَعَبْدُ مَنَافٍ سِرُّهَا وَصَمِيمُهَا وَإِنْ حُصِّلَتْ أَشْرَافُ عَبْدِ مَنَافِهَا * فَفِي هَاشِمٍ أَشْرَافُهَا وَقَدِيمُهَا وَإِنْ فَخَرَتْ يَوْمًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا * هُوَ الْمُصْطَفَى مِنْ سِرِّهَا وَكَرِيمُهَا تَدَاعَتْ قُرَيْشٌ غَثُّهَا وَسَمِينُهَا * عَلَيْنَا فَلَمْ تَظْفَرْ وَطَاشَتْ حُلُومُهَا وَكُنَّا قَدِيمًا لَا نقر ظلامة * إِذا مَا ثنوا صعر الرِّقَابِ نُقِيمُهَا وَنَحْمِي حِمَاهَا كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ * وَنَضْرِبُ عَنْ أَحْجَارِهَا مَنْ يَرُومُهَا بِنَا انْتَعَشَ الْعود الذواء وَإِنَّمَا * بأكنافنا تندى وتنمى أرومها فَصْلٌ فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا تَعَنَّتُوا لَهُ فِي أَسْئِلَتِهِمْ إِيَّاهُ أَنْوَاعًا مِنَ الْآيَاتِ وَخَرْقِ الْعَادَاتِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ، لَا عَلَى وَجْهِ طَلَبِ الْهُدَى وَالرَّشَادِ فَلِهَذَا لَمْ يُجَابُوا إِلَى كَثِيرٍ مِمَّا طَلَبُوا وَلَا مَا إِلَيْهِ رَغِبُوا، لِعِلْمِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَايَنُوا وَشَاهَدُوا مَا أَرَادُوا لَاسْتَمَرُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، وَلَظَلُّوا فِي غيهم وضلالهم يتردون.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute