مرجعه من الْحُدَيْبِيَة، وَهُوَ على رَاحِلَته.
فَكَانَ يَكُونُ تَارَةً وَتَارَةً بِحَسَبِ الْحَالِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنْوَاعَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.
فَصْلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانه (١) ".
وَقَالَ تَعَالَى: " وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وحيه، وَقل رب زدنى علما (٢) ".
وَكَانَ هَذَا فِي الِابْتِدَاءِ، كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ شِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى أَخْذِهِ مِنَ الْمَلَكِ مَا يُوحى إِلَيْهِ عَن الله عزوجل لَيُسَاوِقُهُ فِي التِّلَاوَةِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُنْصِتَ لِذَلِكَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْوَحْيِ، وَتَكَفَّلَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ فِي صَدْرِهِ، وَأَنْ يُيَسِّرَ عَلَيْهِ تِلَاوَتَهُ وَتَبْلِيغَهُ، وَأَنْ يُبَيِّنَهُ لَهُ وَيُفَسِّرَهُ وَيُوَضِّحَهُ، وَيُوقِفَهُ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ.
وَلِهَذَا قَالَ " وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وحيه وَقل رب زدنى علما ".
وَقَالَ: " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِن علينا جمعه " أَي فِي صدرك " وقرآنه " أَي وَأَن تَقْرَأهُ " فَإِذا قرأناه " أَي تلاه عَلَيْك الْملك " فَاتبع قرآنه " أَيْ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَتَدَبَّرْهُ " ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانه " وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: " وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ".
وفى الصحيحن مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سعيد بن جببر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شدَّة، فَكَانَ يُحَرك
(١) سُورَة الْقِيَامَة ١٦ - ١٩ (٢) سُورَة طه ١١٤ (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute