للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَقُولُ: اسْتَوْسِقُوا كَمَا اسْتَوْسَقَتْ جَزَرُ الْغَنَمِ (١) .

قَالَ: وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْتَظِرُهُ وَعَلَيْهِ لَأْمَتُهُ، فَمَضَيْتُ حَتَّى كُنْتُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ قُمْتُ أَقْدُرُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ بِبَصَرِي، فَإِذَا الْكَافِر أفضلهما عدَّة وهيأة.

قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُهُمَا حَتَّى الْتَقَيَا، فَضَرَبَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ فَبَلَغَتْ وَرِكَهُ وَتَفَرَّقَ فِرْقَتَيْنِ، ثُمَّ كَشَفَ الْمُسْلِمُ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: كَيْفَ تَرَى يَا كَعْبُ؟ أَنَا أَبُو دُجَانَةَ! مَقْتَلُ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَاتَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى قَتَلَ أَرْطَاةَ بْنَ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَكَانَ أَحَدَ النَّفَرِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ اللِّوَاءَ.

وَكَذَلِكَ قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ حَامِلُ اللِّوَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ عَلَى أَهْلِ اللِّوَاءِ حَقًّا * أَنْ يَخْضِبُوا الصَّعْدَةَ أَوْ تَنْدَقَّا فَحَمَلَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ فَقَتْلَهُ (٢) .

ثُمَّ مَرَّ بِهِ سِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْغُبْشَانِيُّ، وَكَانَ يُكَنَّى بِأَبِي نِيَارٍ، فَقَالَ حَمْزَةُ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ.

وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنْمَارٍ مُوَلَّاةَ شَرِيقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَتْ خَتَّانَةً بِمَكَّةَ، فَلَمَّا الْتَقَيَا ضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَقَتَلَهُ.

فَقَالَ وَحْشِيٌّ غُلَامُ جُبَيْرِ بْنِ مطعم: وَالله إنى لانظر لِحَمْزَة يَهُدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ مَا يُلِيقُ (٣) شَيْئًا يَمُرُّ بِهِ، مِثْلَ الْجَمَلِ الْأَوْرَقِ، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَنِي إِلَيْهِ سِبَاع، فَقَالَ حَمْزَة: هَلُمَّ يَابْنَ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ.

فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَكَأَنَّمَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ، وَهَزَزْتُ حَرْبَتِي حَتَّى إِذَا رَضِيتُ مِنْهَا دَفَعْتُهَا عَلَيْهِ فَوَقَعَتْ فِي ثُنَّتِهِ (٤) حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَين رجلَيْهِ، فَأقبل


(١) استوسقوا: اجْتَمعُوا والجزر: مَا يذبح من الشَّاء واحدتها جزرة.
(٢) لَيْسَ فِي ابْن هِشَام.
(٣) مَا يَلِيق: مَا يبْقى.
(٤) الثنة: بَين السُّرَّة والعانة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>