للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (عبس: ٣٤-٣٧) .

حتى الرسل ـ عليه الصلاة والسلام ـ عند عبور الصراط فدعاؤهم: اللهم سلم، اللهم سلم، لا يدري أحد أينجو أم لا. الأمر عظيم. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك) ثم قال: (ألا وأن أول من يكسى إبراهيم) إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، هو أول مي يكسى يوم القيامة.

وهذه الخصيصة ـ أنه يكون أول من يكسى لا تدل على التفضيل المطلق، وأنه أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، لأن محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل، سيد ولد أدم يوم القيامة، لا يؤذن لأحد يشفع للخلائق يوم القيامة إلا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ كما في قوله تعالى: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء: من الآية٧٩) ، لكن قد يخص الله بعض الأنبياء بشيء لا يخص به الآخر، مثل قوله تعالى: (يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) (الأعراف: ١٤٤) .

فالرسالات كانت موجودة في غيره، لكن في وقته كان هو الرسول لبني إسرائيل، كذلك أيضاً قد يخص الله أحد من الأنبياء أو غيرهم بخصيصة يتميز بها عن غيره، ولا يوجب ذلك الفضل المطلق.

(ألا وإن أول من يكسى إبراهيم) عليه الصلاة والسلام، ولا يقال: لماذا كان أول من يكسى، لأن الفضائل لا يسأل عنها، كما قال الله تعالى: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد: من الآية٢١) ، لا يسأل عنها؛ لأن الإنسان قد يصل فيها إلى نتيجة وقد لا يصل، فكما أن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>