بَعْدُ وَقَاتَلُوا) يوهم أن الآخرين ليس لهم حظ من هذا، قال:(وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) .
ومن ذلك قوله تعالى:(وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ)(الأنبياء: ٧٩) ، لما كان هذا يوهم أن داود عنده نقص، قال تعالى:(وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً) .
ومن ذلك قوله تعالى:(لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى)(النساء: ٩٥) ، فهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(وفي كل خير) أي المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، لكن القوي خير وأحب إلى الله.
ثم قال عليه الصلاة والسلام:(احرص على ما ينفعك) هذه وصية من الرسول عليه الصلاة والسلام لأمته، وهي وصية جامعة مانعة (احرص على ما ينفعك) يعني أجتهد في تحصيله ومباشرته، وضد الذي ينفع الذي فيه ضرر، وما لا ينفع فيه ولا ضرر، وذلك لأن الأفعال تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم ينفع الإنسان، وقسم يضره، وقسم لا ينفع ولا يضر.
فالإنسان العاقل الذي يقبل وصية صلى الله عليه وسلم هو الذي يحرص على ما ينفعه، وما أكثر الذين يضيعون أوقاتهم اليوم في غير فائدة، بل في مضرة على أنفسهم وعلى دينهم، وعلى هذا فيجدر بنا أن نقول لمثل هؤلاء: إنكم لم تعملوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ إما جهلاً منكم وإما تهاوناً، لكن المؤمن