قال: هممت أن أقعد وأدعه، أي يجلس؛ لعجزه عن أن يصبر كما صبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قام معه ذات ليلة فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة والنساء وآل عمران، الجميع خمسة أجزاء وربع تقريباً، ويقول حذيفة: كلما أتت آية رحمة سأل، وكلما أتت آية تسبيح سبح، وكلما أتت آية وعيد تعوذ، وهو معروف ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه يرتل القراءة.
خمسة أجزاء وربع، مع السؤال عند آيات الرحمة، والتعوذ عند آيات الوعيد، والتسبيح عن آيات التسبيح؛ فماذا يكون القيام؟ يكون طويلاً، وهكذا كان النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقرأ في الليل.
وإذا أطال القراءة أطال الركوع والسجود أيضاً، فكان يطيل القراءة والركوع والسجود.
فإذا كان يقوم ـ عليه الصلاة والسلام ـ مثلاً في ليلة من ليالي الشتاء وهي اثنتا عشرة ساعة، يقوم أدنى من ثلثي الليل؛ فلنقل إنه صلى الله عليه وسلم يقوم سبع ساعات تقريباً وهو يصلي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في الليل الطويل. تصور ماذا يكون حاله ـ عليه الصلاة والسلام؟ ومع هذا فقد صبر نفسه، وجاهد نفسه، وقال:(أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً) .