واعلم أن الكذب يتضاعف جرمه بحسب ما يؤدي إليه؛ فالكذب في المعاملات أشد من الكذب في مجرد الإخبار، فإذا صار الرجل يكذب في بيعه وشرائه وأخذه وعطائه صار هذا أشد؛ لأنه إذا كذب في البيع والشراء تمحق بركة بيعه قال النبي صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما.
وما ترتب على الكذب في البيع والشراء من زيادة في الثمن أو زيادة في المبيع فإنه سحت والعياذ بالله؛ لأنه مبني على الكذب، والكذب باطل، وما بني على الباطل فهو باطل، وكذلك الكذب في وصف السلعة، يقول الإنسان مثلاً: هذه السلعة فيها كذا وكذا من الصفات المرغوبة وهو كاذب، هذا أيضًا من أكل المال بالباطل، ومن ذلك ما يفعله بائعو السيارات كما يقولون: يعطي الإنسان سيارته هذا الدلال وهو يدري أن فيها العيب الفلاني ثم يقول عند عرضها للبيع كل عيب فيها ولا يظهر العيب الحقيقي، فهذا حرام لا يجوز، إذا كان البائع يعلم العيب لكن كتمه وقال للمشتري: اصبر في كل عيب، هذا حرام إذا كان يعلم أن فيها عيبًا، أما إذا كان لا يعلم لكنه يخشى أن يكون فيها عيب لا يطلع عليه، فلا بأس أن يترك البراءة من كل عيب مشبوه والله الموفق