للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ بمنكبي وقال: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) سبحان الله! أعطى الله نبيه جوامع الكلم، هاتان الكلمتان يمكن أن تكونا نبراساً يسير الإنسان عليه في حياته ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) .

والفرق بينهما أن عابر السبيل ماشٍ يمر بالقرية وهو ماشٍ منها. وأما الغريب فهو مقيم فيها حتى يرتحل عنها، يقيم فيها يومين أو ثلاثة أو عشرة أو شهراً، وكل منهما لا عابر السبيل ولا الغريب كل منهما لم يتخذ القرية التي هو فيها لم يتخذها وطناً وسكناً وقراراً.

فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: كن في الدنيا كهذا الرجل، إما غريب أو عابر سبيل.

والغريب وعابر السبيل لا يستوطن، يريد أن يذهب إلى أهله وإلى بلده، لو أن الإنسان عامل نفسه في هذه الدنيا بهذه المعاملة لكان دائماً مشمراً للآخرة، لا يريد إلا الآخرة، ولا يكون أمام عينيه إلا الآخرة حتى يسير إليها سيراً يصل به إلى مطلوبه. نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح.

وكان ابن عمر يقول: " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" المعنى لا تؤمل أنك إذا أصبحت أمسيت، وإذا أمسيت أصبحت، فكم من إنسان أصبح ولم يمس! وكم من إنسان أمسى ولم يصبح! وكم من إنسان لبس ثوبه ولم يخلعه إلا الغاسل! وكم من إنسان خرج من أهله قد هيأوا له غداءه أو عشاءه ولم يأكله! وكم من إنسان نام ولم يقم من فراشه! المهم أن الإنسان لا ينبغي له أن يطيل الأمل؛ بل يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>