الحق وهو ما جاء به عيسى، ولكنهم استكبروا عنه وأعرضوا عنه.
أما بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فكان اليهود والنصارى كلهم مغضوباً عليهم، وذلك لأن النصارى علموا الحقّ فهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك استكبروا عنه، فكانوا كلهم مغضوباً عليهم؛ لأن القاعدة في المغضوب عليهم أنهم الذين علموا الحق ولم يعموا به كاليهود والنصارى بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام.
هؤلاء الذين أوتوا الكتاب (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَد) ُ أي: الوقت (فَقَسَتْ قُلُوبُهُم) ْ؛ لأن النبي صلى الله بعث بعد عيسى بستمائة سنة، وهي فترة طويلة انحرف فيها من انحرف من أهل الكتاب، ولم يبق على الأرض من أهل الحق إى بقايا يسيرة من أهل الكتاب، ولهذا قال:(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) ولم يقل أكثرهم فاسقون، ولم يقل كلهم فاسقون، فكثير منهم فاسقون خارجون عن الحق.
فحذر الله عز وجل ونهى أن نكون كهؤلاء الذين أوتوا الكتاب (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَد فَقَسَتْ قُلُوبُهُم) .
وإذا نظرت إلى الأمة الإسلامية، وجدت أنها ارتكبت ما ارتكبه الذين أوتوا الكتاب من قبل. فإن الأمة الإسلامية في هذه العصور التي طال فيها الأمد من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، قست قلوب كثير منهم وفسق كثير منهم، واستولى على المسلمين من ليس أهلاً للولاية لفسقه؛ بل ومروقه عن الإسلام، فإن الذين لا يحكمون بكتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرون أن الحكم بالقوانين أفضل من حكم الله ورسوله كفار بلا شك ومرتدون عن