للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) يعني: أنكم تسخرون بهؤلاء المؤمنين الذين يؤمنون بالله ويسألونه المغفرة والرحمة، فكنتم تسخرون منهم وتستهزئون بهم، (حتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) أي حتى كانت سخريتكم بهم واستهزاؤكم بهم منسية لكم ذكري.

(وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُون) يعني: في الدنيا كانوا يضحكون بالمؤمنين ويستهزئون بهم.

ولكن الله قال في سورة المطففين: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (المطففين: ٣٤) ، وهذا الضحك الذي لا بكاء بعده، أما ضحك الكفار من المسلمين في الدنيا؛ فإنه سيعقبه البكاء الدائم والعياذ بالله.

(إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) يعني: جزى الله تعالى المؤمنين بما صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته، وصبروا على أقداره (أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) الذين فازوا بهذا اليوم فأدركوا المطلوب ونجوا من المرهوب، وإنما ذكر الله هذا لهؤلاء المكذبين زيادة في حسرتهم وندامتهم، كأنه يقول عزّ وجلّ: لو كنتم مثلهم لنلتم هذا الثواب، فيزدادون بذلك حسرة إلى حسرتهم والعياذ بالله.

كيف كان حال هؤلاء الذين كانوا يسخرون بهم في الدنيا ويضحكون منهم؟ وكيف كان حالهم وهم في نار جهنم؟

(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ) انظر " جاءتهم الرسل وعمروا عمراً يتذكر فيه من تذكر، ولكنهم والعياذ بالله لم ينتفعوا بهذا، ورأوا أنهم كأنما لبثوا ساعة أو بعض ساعة

<<  <  ج: ص:  >  >>