لو قلنا: إنها واجبة في الذمة لسقطت الزكاة على من عليه دين؛ لأن محل الدين الذمة، وإذا قلنا: محل الزكاة الذمة، وكان عليه ألف وبيده ألف، ولم تجب عليه الزكاة؛ لأن الحقين تعارضا. والصحيح أنها واجبة في المال لقوله تعالى:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)(التوبة: ١٠٣) ، وقال في هذا الحديث:" أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم" لكن لها تعلق الذمة، بمعنى أنها إذا وجبت وفرط والإنسان فيها فإنه يضمن، فلها تعلق بالذمة.
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً: أن الزكاة لا تجب على الفقير، لقوله:" من أغنيائهم فترد في فقرائهم" ولكن من هو الغني؟ أهو الذي يملك ملايين؟ الغني في هذا الباب هو الذي يملك نصاباً. إذا ملك الإنسان نصاباً فهو غني تجب عليه الزكاة، وإن كان فقيراً من وجه آخر، لكنه غني من حيث وجوب الزكاة عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة تصرف في فقراء البلد؛ لقوله: فتردّ في فقرائهم" ولا تُخرج عن البلد إلا لسبب، أما ما دام في البلد مستحقون فإنهم أولى من غيرهم. وقد حرم بعض العلماء إخراج الزكاة عن البلد إذا كان فيهم مستحقون، واستدل بهذا الحديث، وبأن فقراء البلد تتعلق أنفسُهم بما عند أغنيائهم، وبأن الأغنياء إذا صرفوها إلى خارج البلد ربما يتعدي الفقراء عليهم ويقولون: حرمتمونا من حقّنا، فيتسلطون عليهم بالنهب والإفساد، ولا شك أنه من الخطأ أن يخرج الإنسان زكاة ماله إلى البلاد البعيدة، مع وجود مستحق في بلده؛ لأن الأقرب أولى