للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو محتاج، فإن ذلك حرامٌ عليهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تؤخذ من أغنيائهم فتردٌ إلى فقرائهم" ولأن الأقربين أولى بالمعروف، ولأن الأقربين يعرفون المال الذي عندك، ويعرفون أنك غني، فإذا لم ينتفعوا بمالك فإنه سيقع في قلوبهم من العداوة والبغضاء، ما تكون أنت السبب فيه، ربما إذا رأوا أنك تخرج صدقة إلى بلاد بعيدة وهم محتاجون، ربما يعتدون عليك، ويفسدون أموالك، ولهذا كان من الحكمة أنه ما دام في أهل بلدك من هو في حاجة أن لا تصرف صدقتك إلى غيره.

ثم قال له صلى الله عليه وسلم" فإن هم أطاعوا لذلك" يعني انقادوا ووافقوا، " فإياك وكرائم أموالهم" يعني لا تأخذ من أموالهم الطيب، ولكن خذ المتوسط ولا تظلم ولا تُظلم " واتق دعوة المظلوم" يعني انك إذا أخذت من نفائس أموالهم، فإنك ظالم لهم، وربما يدعون عليك، فاتق دعوتهم" فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" تصعد إلى الله تعالى، ويستجيبها، هذا هو الشاهد من هذا الحديث في الباب الذي ذكره المؤلف فيه، أن الإنسان يجب عليه أن يتقي دعوة المظلوم.

ويُستفاد من هذا الحديث فوائد كثيرة، منها ما يتعلق بهذا الباب، ومنها ما يتعلق بغيره، فينبغي أن يعلم أولاً أن الكتاب والسنة نزلا ليحكما بين الناس فيما اختلفوا فيه، والأحكام الشرعية من الألفاظ، مما دلت عليه منطوقاً ومفهوماً وإشارة. والله سبحانه وتعالى يفضل بعض الناس على بعض في فهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولهذا لما سأل أبو جُحيفة على بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عهد إليكم رسولُ اله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ قال: لا؟ إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>