بقين من شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث عشرة وسبعمائة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الفاضل المتقن المحقق جمال الدين أبو زيد محمد بن عبد الرحمن بن أبى السراج بن عثمان الأشعري السدوسي الحنفي. وكان فقيهاً عالماً عاملاً فطناً ذكيّاً ورعاً له فهمُ ثاقب ورأْيُ صائب تفقه بالفقيهين إبراهيم بن عمر العلوي وإبراهيم بن مهنا وأخذ علم الجبر والمقابلة عن الفقيه موسى بن علي النحلي المعروف بالجلاد. وله تعاليق حسنة واعتراضات جيدة واختصر شرح الخوارزمي. وكان مبارك التدريس حسن الإقراء مراعياً لطريقة مشايخه رحمه الله عليهم وتفقه به عدة من أهل المذهب. وكان لا تزال وصيته تحت رأسه فلما أحس بالموت آثر كل من كان له عليه شيءُ قلَّ أو كثر. وكانت وفاته في السنة المذكورة وعمره يومئذ ثلاث وخمسون سنة رحمه الله تعالى.
وفي سنة أربع وسبعين تقدم الركاب العالي من زبيد إلى تعز وكان تقدمه في أيام الخريف وكانت سنة كثيرة الأمطار فوقع على السلطان والعسكر في وادي المخيشيب مطر عظيم فامتلأَ الوادي ماءً وسال بطائفة من الناس فضلاً عن الجواب وغيرها.
وفي هذه السنة تولى الوزارة القاضي تقي الدين عمر بن أبى القاسم بن معيبد. وكان أحق من قيل له سيد الوزراء لما جمع الله فيه من الخصال الحميدة والأوصاف العديدة. وكان استمراره يوم الخميس الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة المذكورة.
وفي هذه السنة تقدم السفراء إلى الديار المصرية مرة أخرى صحبة القاضي جمال الدين محمد بن علي الفارقي والأمير ناصر الدين محمد بن علي الحلبي وكان تقدمهم في شهر رمضان من السنة المذكورة.
وفي شوال تقدم السلطان إلى زبيد فسكنها واستوطنها وعمل الخفية فيها.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح المشهور أبو بكر بن محمد بن يعقوب السودي بفتح السين المعروف بابن ابي حربة. وكان أحد علماء الحقيقة ومشايخ