للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرًّا، فتدعوهن، وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها، وقالوا لها: " لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم "، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثًا لا يطعموني، ولا يسقوني، فنزلوا منزلا، وكانوا إذا نزلوا وقفوني في الشمس واستظلوا، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا بأثر شيء بارد وقع علي منه ثم عاد، فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلا ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته، فشربت منه قليلا، ثم رفع، ثم عاد أيضا، فصنع ذلك مرارا حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظو " إذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: " انحللت فأخذتِ سقاءنا فشربت منه؟ " فقلت: " لا والله ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا فقالوا: " لئن كنت صادقة، فدينك خير من ديننا "، فنظروا إِلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، فأسلموا لساعتهم) (١٣٠٦) .

وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- قبل أن يسلم- يتولى تعذيب جارية مسلمة لبني المؤمل، فلا يزال يضربها بالسياط، حتى إذا مَل قال لها: " إني أعتذر إليك أني لم أتركك إلا ملالة فتقول له: " كذلك فعل الله بك " (١٣٠٧) .

وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: (لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله- خمسة آلاف، أو ستة آلاف- فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي، فقال: " إن هذا قد فجعكم بماله


(١٣٠٦) "الإصابة" (٨/٢٤٨) ، " حلية الأولياء" (٢/٦٦) ، " الطبقات" لابن سعد (٨/١١٠-١١١) .
(١٣٠٧) " الطبقات" لابن سعد (٢/١٨٧) ، وانظر: " المرأة العربية" (٢/٧٣-٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>