للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

أصفى السرور: اجتماع المودة والرحمة

(قد يجعل الله سبحانه المودة في الرجل ولا يجعل فيه الرحمة، كما يوجد من أخلاق الجفاة الأراذل، يحب أحدهم زوجته لكنه يعاملها معاملة المبغض من الضرب واللعن وشتم الآباء والأمهات، وقد يكلفها أعمالًا شاقة، ويُضَيِّقُ عليها في النفقة الواجبة، وقد يتزوج عليها فيقطع صلته بها ونفقته عليها وعلى عياله منها، حتى يجعلها معلقة لا هي ذات زوج ولا مُطَلقة.

وقد يجعل الله الرحمة في الشخص ولا يجعل فيه المودة، كما يوجد من أخلاق بعض الفضلاء، يقع في نفس أحدهم عدم المودة الصافية منه لزوجته، لكنه يعاشرها بكرم الأخلاق، وجميل الوفاق، وبالعطف واللطف والإنفاق، إن الناس متفاوتون في الأخلاق، كما أنهم متفاوتون في الأرزاق، وان الكمال التام متعذر من رجل وامرأة، فما من أحد إلا وفيه شيء من النقص بحسبه، غير أن الناس يتعاشرون بالشرف، وتندر البيوت المبنية على المحبة، والرجل الكريم صاحب الخلق القويم يغض عن الشيء اليسير، فما استقصى كريم قط، فكم من رجل كره امرأة فأنجبت له أولادا كرامًا قاموا بنفعه، ونشروا فخر ذكره، (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرَا) ، وكم من رجل فُتِن بمحبة امرأة فأفسدت عليه دينه ودنياه وأهله وخلقه (وعسى أن تحبوا شيئَا وهو شر لكم)) (٩٥٨) .

ولقد رفع الإسلام حسن الخلق إلى أعلى المقامات، وكان صلى الله عليه وسلم نهاية


(٩٥٨) "قضية تحديد الصداق" ص (٢٣-٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>