للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعمد وقصد، والذين لهم إلمام بقواعد الشريعة يعرفون جيدًا أن تقييد إِباحة الشيء أو جوازه أو رخصته بحالة خاصة دليل على تحريمه في الأصل كما أن ما حرم تحريم الوسائل فإنه يباح للحاجة أو المصلحة الراجحة (انظر زاد المعاد ١/٢٢٤) فجواز أو إباحة إظهار التزين - الذي يعده البعض كشف الوجه - للمخطوبة دليل على تحريم إظهار تلك الزينة في عامة الأحوال.

وصنيع الفقهاء والمحدثين يرشد إلى ما قلنا: فإن عامتهم بوبوا على أحاديث الخطبة بباب جواز النظر إلى الخطوبة وأمثاله، فتقييدهم النظر إلى المخطوبة بالجواز يشعر بأن النظر إلى غير المخطوبة غير جائز عندهم (١) .

* قال الشيخ أبو محمد المقدسي في "المغني":

"لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها. . .، ولا بأس بالنظر إليها بإذنها وغير إذنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالنظر وأطلق. . .

ولا يجوز له الخلوة بها لأنها محرمة ولم يَرد الشرعُ بغير النظر فبقيت الخلوة على التحريم ولأنه لا يُؤمَن مع الخلوة مواقعة المحظور. . .، ولا ينظر إليها نظرة تلذذ وشهوة ولا لريبة، قال أحمد في رواية صالح: ينظر إلى الوجه ولا يكون عن طريق لذة، وله أن يردد النظر إليها ويتأمل محاسنها لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك" (٢) اهـ كلامه ملخصًا.

وقيَّد الحجاوي والفُتُوحي وغيرهما جواز النظر بما إذا غلب على ظنه إجابته، قال الجراعيُ: متى غلب على ظنه عدم إجابته لم يجز، كمن ينظر إلى امرأة جليلة يخطبها مع علمه أنه لا يُجاب إلى ذلك" اهـ.


(١) "مجلة الجامعة السلفية" نوفمبر، ديسمبر ١٩٧٨
(٢) "المغني" (٦/ ٥٥٢ - ٥٥٣) مختصرا، وفي المسألة تفصيل يراجع في "السلسلة الصحيحة" حديث رقم (٩٥) إلى (٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>