للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نماذج من حرص الصحابة رضي الله عنهم

على ستر النساء

رُوي أن امرأة خرجت متزينة في عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، أذن لها زوجها في البروز، فَأُخْبرَ بها عمر رضي الله عنه، فطلبها، فلم يقدر عليها، فقام خطيبا، فقال: َ "هذه الخارجة، وهذا المرسلها لو قدرت عليهما لشترت (١) بهما"، ثم قال: "تخرج المرأة إلى أبيها يكيد بنفسه (٢) ، وإلى أخيها يكيد بنفسه، فإذا أخرجت فلتلبس معاوزها" (٣) .

ورُوي أنه رضي الله عنه سمع نائحة، فأتاها، فضربها بالدرة حتى وقع خمارها عن رأسها، فقيل: "يا أمير المؤمنين، المرأهّ المرأة قد وقع خمارها"، فقال: "إنها لا حُرْمَةَ لها" (٤) .

والشاهد جزع الصحابة رضي الله عنهم لما انحسر الخمار عن رأسها.

ولما دخل الثوار المتمردون على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ليقتلوه حاولت زوجته نائلة بنت الفرافصة أن تستره بشعرها، فقال لها أمير المؤمنين رضي الله عنه: "خذي خمارك، فلَعمري لَدخولُهم عليَّ أعظم من حُرْمَة شعرك " (٥) .


(١) شترت به تشتيرًا: إذا سمعت به، ونددت، وأسمعته القبيح، وكان حقيقة التشتير إبراز مساوئ الرجل، وإظهار ما بطن منها، من الشتر: وهو انقلاب في الجفن الأسفل؛ لأنه بروز ما حقه أن يبطن، وهو عيب- انظر "الفائق " (٢/ ٢٢٠) ، و "غريب الحديث" (١/١٠٥) .
(٢) يكيد بنفسه: أي يسوق سياق الموت.
(٣) المعاوز: الخلقان: واحدهما: معوز، من الإعواز، وهو الفقر والحاجة- انظر: "الفائق " للزمخشري (٢/ ٢٢٠) ، "غريب الحديث " للخطابي (٢/١٠٥- ١٥٥) ، و "مصنف عبد الرزاق " (٤/٣٧١- ٣٧٢) . (٤) الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي (١٨/ ٧٥) و "الزواجر" للهيثمي (٥) كذا (!) ولعله (ما دخولهم عليَّ) ، أو يكون المقصود بالسياق الاستفهام =

<<  <  ج: ص:  >  >>