التراب والحجارة، وفي صحته عنه نظر من حيث إنَّ فعلهُ لا يجمع على فعول. ويجوز في «جِثِيًّا» أن يكون مصدراً على فعول، وأصله كما تقدم في حال كونه جمعاً، إمَّا جُثُوو، وإمَّا جُثُوي.
وقد تقدم أنَّ الأخوين يكسران فاءه، والباقون يضمونها.
والجثوّ: القعود على الركب.
قوله:{ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ} أي: ليخرجن من كل أمة وأهل دين من الكفار والشيعة فعلة كفرقة: ومنه الطائفة التي شاعت، أي: تبعت غاوياً من الغواة.
قال تعالى:{إِنَّ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً}[الأنعام: ١٥٩] . والمعنى: أنه - تعالى - يحضرهم أولاً حول جهنم، ثم يميز البعض من البعض، فمن كان منهم أشد تمرداً في كفره خص بعذاب عظيم، لأنَّ عذاب الضال المضل يجب أن يكون فوق عذاب من يضل تبعاً لغيره، وليس عذاب من يتمرد ويتجبر كعذاب المقلد، ومعنى الآية: أنه ينزع من كل فرقة من كان أشد عتياًّ وتمرداً ليعلم أنَّ عذابه أشد وفائدة هذا التمييز التخصيص «بشدة العذاب لا التخصيص» بأصل العذاب، فلذلك قال في جميعهم:{ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا صِلِيّاً} ولا يقال: «أوْلَى» إلا مع اشتراكهم في العذاب.
قوله:{أَيُّهُمْ أَشَدُّ} فيه أقوال كثيرة، أظهرها عند جمهور المعربين، وهو مذهب سيبويه: أنَّ «أيُّهُمْ» موصولة بمعنى «الذي» ، وأنَّ حركتها حركة بناء، بنيت عند سيبويه لخروجها عن النظائر.