للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

كونها من أوصافِ الكثير من الأحبار والرُّهبان أظهر من الاستئناف، عكس التي بالواو.

و «الكَنْزُ» الجمعُ والضَّم، ومنه: ناقة كناز، أي: منضمَّة الخَلْق. ولا يختص بالذهب والفضة، بل يقال في غيرهما، وإن غلب عليهما؛ قال: [البسيط]

٢٧٧٧ - لا دَرَّ دَرِّيَ إنْ أطعَمْتُ جَائِعَهُمْ ... قِرْفَ الحَتِيِّ وعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ

وقال آخر: [الرجز]

٢٧٧٨ - على شَديدٍ لحمُهُ كِنَاز ... بَاتَ يُنَزِّينِي على أوفَازِ

قوله: «وَلَا يُنفِقُونَهَا» تقدَّم شيئان وعاد الضمير مفرداًن فقيل: إنه من باب ما حذف، لدلالة الكلام عليه، والتقدير: والذين يكنزون الذهب ولا ينفقونه. وقيل: يعود على المكنوزات، ودلَّ على هذا جُزْؤه المذكورُ؛ لأنَّ المكنوزَ أعمُّ من النقدين وغيرهما، فلمَّا ذكر الجزءَ دلَّ على الكُل، فعاد الضميرُ جمعاً بهذا الاعتبار؛ ونظيره قول الآخر: [الطويل]

٢٧٧٩ - ولَوْ حَلفَتْ بَيْنَ الصَّفَا أمُّ عَامِرٍ ... ومَرْوَتِهَا باللهِ بَرَّتْ يَمينَهَا

أي: ومروة مكة، عاد الضميرُ عليها لمَّا ذُكِر جزؤها، وهو الصَّفا، كذا استدل به ابن مالك، وفيه احتمالٌ، وهو أن يكون الضميرُ عائداً على «الصَّفا» ، وأنَّثَ حملاً على المعنى، إذْ هو في معنى البقعة والحدبة.

وقيل: الضميرُ يعودُ على الذهب؛ لأنَّ تأنيثه أشهر، ويكون قد حذف بعد الفضة أيضاً.

وقيل: إنَّ كلَّ واحد منهما جملة وافية، دنانير ودراهم، فهو كقوله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات: ٩] .

وقيل: التقدير: ولا ينفقون الكنوز.

وقال الزجاجُ: «ولا ينفقون تلك الأموال» وقيل: يعودُ على الزَّكاة.

وقال القرطبيُّ «قال ابنُ الأنباريّ» قصد الأغلب والأعم وهي الفضة، ومثله قوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَاّ عَلَى الخاشعين} [البقرة: ٤٥] .

ردَّ الكناية إلى الصلاة؛ لأنَّها أعم، ومثله: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا} [الجمعة: ١١] فأعاد الهاء إلى التجارة؛ لأنها الأهم «. وردَّ هذا بعضهم، قال: ليس هذا نظيره؛ لأنَّ» أو «فصلت التجارة عن اللَّهْو، فحسن عود الضمير على أحدهما» .

<<  <  ج: ص:  >  >>