للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لهما وللحيّة. وفيه بعد؛ لأنّ المكلفين بالإجماع هم المَلَائكة والجنّ والإنس.

وقيل: لهما وللوسوسة. وفيه بعد.

وقيل: لبني آدم وبني إبْلِيِسَ، وهذا وإن كان نقل عن «مُجَاهد والحَسَن» لا ينبغي أن يقال؛ لأنهما لم يولد لهما في الجنة بالاتفاق. وقال الزَّمَخْشَرِيّ: إنه يعود لآدم وحواء، والمراد هما وذرّيتهما؛ لأنهما لما كانا أصل الإنس ومتشعّبهم جعلا كأنهما الإنس كلهم، ويدلّ عليه: {قَالَ اهبطا مِنْهَا جَمِيعاً} [طه: ١٢٣] . وهذا ضعيف؛ لأن الذّرية ما كانوا موجودين في ذلك الوَقْتِ، فكيف يتناولهم الخطاب؟ أما من زعم ان أقل الجمع اثنان، فلا يرد عليه شيء من هذا.

قوله: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} هذه جملة من مبتدأ وخبر، وفيها قولان:

أصحهما: أنها في محل نصب على الحال، أي اهبطوا متعادين.

والثاني: أنها لا محل لها؛ لأنها استئناف إخبار بالعداوة.

وأفرد لفظ «عدو» وإن كان المراد به جمعاً لأحد وجهين:

إما اعتباراً بلفظة «بعض» فإنه مفرد، وإمّا لأن «عدوَّا» أشبه بالمَصادر في الوزن ك «القَبُول» ونحوه.

وقد صرح «أبو البقاء» بأن بعضهم جعل «عدوّا» مصدراً، قال: وقيل: «عدو» مصدر ك «القبول والولوع» ، فلذلك لم يجمع.

وعبارة «مكي» قريبة من هذا. فإنه قال: وإنما وحد وقبله جمع؛ لأنه بمعنى المصدر، تقديره: «ذوي عداوة» ونحوه: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي} [الشعراء: ٧٧] و {هُمُ العدو فاحذرهم} [المنافقون: ٤] .

واشتقاق العدو من «عدا» - «يعدو» : إذا ظلم.

وقيل: من «عَدَا» - «يَعْدُو» : إذا جاوز الحق، وهما متقاربان.

وقيل: من عَدْوَتَي الجبل، وهما طَرَفَاه، فاعتبروا بعد ما بينهما.

ويقال: عدْوَة، وقد يجمع على «اعداء» .

فأما حصول العداوة بين آدم ولإبليس فلقوله تعالى: {ياآدم إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ} [طه: ١١٧] ، وقوله: {إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً} [فاطر: ٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>