للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

قال القرطبي: «ولعلها نزلت على البلق موافقة لفرس المقداد؛ فإنه كان أبلق، ولم يكن له فرس غيره، فنزلت الملائكة على الخيل البُلْق، إكراماً للمقداد، كما نزل جبريل معتماً بعمامة صفراء على مثال الزبير» .

قوله: {وَمَا جَعَلَهُ الله إِلَاّ بشرى} الكناية في «جَعَلَهُ» عائدة على المصدر، أي: ما جعل الإمداد إلا بشرى لكم بأنكم تُنصرون، وهذا الاستثناء فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه مفعول من أجله، وهو استثناء مفرغ؛ إذ التقدير: وما جعله لشيء من الأشياء إلا للبُشْرَى، وشروط نصبه موجودة، وهي اتحاد الفاعل، والزمان، وكونه مصدراً سبق للعلة.

والثاني: أنه مفعول ثانٍ لِ «جَعَل» على أنها تصييرية.

والثالث: أنه بدل من الهاء في «جَعَلَهُ» قاله الحوفيّ وجعل الهاء عائدةً على الوعد بالمدد.

والبشرى: مصدر على «فُعْلَى» كالرُّجْعَى.

وقيل: اسم من الإبشار، وتقدَّم الكلام في معنى البُشْرَى في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} [البقرة: ٢٥] .

قوله: {وَلِتَطْمَئِنَّ} فيه وجهان:

أحدهما: أنًّه معطوف على «بُشْرَى» هذا إذا جعلناها مفعولاً من أجله، وإنما جُرَّ باللام؛ لاختلال شرط من شروط النصب - وهو عدم اتحاد الفاعل - فإن فاعل الجَعْل هو الله - تعالى - وفاعل الاطمئنان القلوب، فلذلك نصب المعطوف عليه لاستكمال الشروط، وجر المعطوف باللام لاختلال شرطه، وقد تقدم، والتقدير: وما جعله إلا للبشرى وللطمأنينة.

والثاني: أنها متعلقة بمحذوف، أي: ولتطمئن قلوبكم، فعلى ذلك، أو كان كيت وكيت.

وقال أبو حيان: و «تطمئن» منصوب بإضمار «أن» بعد لام «كي» ، فهو من عطف الاسم على توهم موضع اسم آخر.

ثم نقل عن ابن عطية أنه قال: «اللام في {وَلِتَطْمَئِنَّ} متعلقة بفعل مضمر يدل عليه» جَعَلَهُ «ومعنى الآية: وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به، ولتطمئن به قلوبكم.

قال أبو حيان:» وكأنه رأى أنه لا يمكن - عنده - أن يُعطف {وَلِتَطْمَئِنَّ} على {بشرى} ، على الموضع؛ لأن من شرط العطف على الموضع - عند أصحابنا - أن يكون ثَمَّ مُحْرِز للموضع، ولا محرز هنا؛ لأن عامل الجَرِّ مفقود، ومَنْ لم يشترط المحرز، فيجوز ذلك على مذهبه وسيكون من باب العطف على التوهُّم «.

<<  <  ج: ص:  >  >>