للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خطوب كثيرة ثم آل الحال في آخر جمادى الأولى من السنة المذكورة إلى أن سلم الصالح دمشق إلى أخيه الكامل على أن له بعلبك وبصرى وسكن الأمر وكان الصلح بينهما على يد القاضي محيي الدين يوسف ابن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي لأنه كان بدمشق قد قدم في رسالة من جهة الخليفة إلى دمشق فجزاه الله خيرا ودخل الكامل دمشق وأطلق الفلك بن الميسري١ من سجن الحيات بالقلعة الذي أودعه فيه الأشرف ونقل الأشرف إلى تربته شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها وأمر الكامل في يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة أئمة الجامع الأموي أن لا يصلي أحد منهم المغرب سوى الإمام الكبير لما كان يقع من التشويش والخلاف والإختلاف بسبب اجتماعهم في وقت واحد ولنعم ما فعل رحمه الله تعالى وقد فعل هذا في زماننا في صلاة التروايح اجتمع الناس على قارئ واحد وهو الإمام الكبير في المحراب المقدم عند المنبر ولم يبق معه إمام حينئذ سوى الذي بالحلبية عند مشهد علي ولو ترك لكان حسنا ولد الكامل في سنة ست وسبعين وخمسمائة وكان أكبر أولاد الملك العادل سيف الدين أبي بكر بعد مودود وإليه أوصى الملك العادل لعلمه بثباته وكمال عقله ووفور معرفته وقد كان جيد الفهم يحب العلماء ويسألهم أسئلة مشكلة وله كلام جيد على صحيح مسلم وكان ذكيا مهيبا ذا بأس شديد عادلا منصفا له حرمة وافرة وسطوة قوية ملك مصر ثلاثين سنة كاملة وكانت الطرقات في زمانه آمنة والرعايا متناصفة لا يتجاسر أحد أن يظلم أحد شنق جماعة من الاجناد أخذوا شعيرا لبعض الفلاحين بأرض آمد واشتكى إليه بعض الركبدارية أن أستاذه استعمله سته أشهر بلا أجرة وأحضر الجندي وألبسه ثياب الركبداري والبس الركبداري ثياب الجندي وأمره أن يخدم الركبداري ستة أشهر على هذه الهيئة ويحضر الركبداري الموكب والخدمة حتى ينقضي الأجل فتأدب الناس بذلك غاية الأدب رحمه الله تعالى. وكانت له اليد البيضاء في رد ثغر دمياط إلى المسلمين بعد أن استوحذ عليه الفرنج فرابطهم أربع سنين حتى استنقذه منهم


١ شذرات الذهب ٥: ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>