امرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم. متفق عليه.
ــ
قال القاري: وفي نسخة، أي من المشكاة بصيغة النهي (امرأة) أي شابة أو عجوز، وقوله:((لا تسافر امرأة)) كذا وقع في المشكاة والمصابيح، وفي الصحيحين ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر)) (مسيرة يوم وليلة) مصدر ميمي بمعنى السير كالمعيشة بمعنى العيش، واختلف الرواية عن أبي هريرة أيضًا في ذكر المدة ففي رواية للشيخين مسيرة يوم وليلة وهي المذكورة في الكتاب، وفي أخرى لمسلم ((مسيرة يوم)) وفي أخرى له ((مسيرة ليلة)) وفي أخرى له أيضًا ((أن تسافر ثلاثًا)) وفي رواية لأبي داود ((بريدًا)) وقد تقدم الكلام في ذلك، وأنه ليس المراد التحديد بل المدار على ما يسمى سفرًا، والاختلاف إنما وقع لاختلاف السائل والمواطن، وليس هو من المطلق والمقيد بل من العام الذي ذكرت بعض أفراده وذا لا يخصص على الأصح (إلا ومعها ذو محرم) ، وفي مسلم ((إلا مع ذي محرم عليها)) ولفظ البخاري ((ليس معها حرمة)) وفي أخرى لمسلم ((إلا ومعها رجل ذو حرمة منها)) وقوله ((ذو محرم)) هكذا وقع في الروايات، قيل: والظاهر أن لفظ ((ذو)) مقحم فإن المحرم للمرأة هو من لا يحل له نكاحها، وقيل: المراد ((ذو رحم محرم)) أي ذو قرابة محرم تزوجها. قال في القاموس: ورحم محرم، محرم تزوجها. قال صاحب تسير العلام: المرأة مظنة الشهوة والطمع وهي لا تكاد تقي نفسها لضعفها ونقصها ولا يغار عليها مثل محارمها الذين يرون أن النيل منها نيل من شرفهم وعرضهم، والرجل الأجنبي حينما يخلو بالأجنبية يكون معرضًا لفتن الشيطان ووساوسه، لهذه المحاذير التي هي وسيلة في وقوع الفاحشة وانتهاك الأعراض حرم الشارع على المرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم. قال: واختلفوا هل المرأة مستطيعة الحج بدون المحرم إذا كانت ذات مال أم أن وجود المحرم شرط في الاستطاعة؟ الصحيح أنه لا يحل له خروجها بدون محرم لأي سفر فتكون معذورة غير مستطيعة، واختلفوا في الكبيرة التي لا تميل إليها النفس هل تسافر بدون محرم؟ أم لا بد من المحرم؟ الصحيح الأخير، لأن الحديث عام في كل امرأة ولا يخلو الأمر من محذور فلكل ساقطة لاقطة. واختلفوا هل يكفي أن تكون مع رفقة أمينة أو تسافر مع امرأة مسلمة ثقة أم لا؟ الصحيح أنه لا بد من المحرم لعموم الحديث، ولأن غيرة المحرم ونظره مفقودان. واختلفوا في تحديد السفر تبعًا لاختلاف الأحاديث، والأحوط أن يؤخذ بأقلها لأنه لا ينافي ما فوقه، ويكون ما فوقه قضايا عين حسب حال السائل، والله أعلم. قال: وإذا قارنت حال المسلمين اليوم بهذه النصوص الصحيحة والآداب العالية والغيرة الكريمة والشهامة النبيلة والمحافظة على الفروج والأعراض وحفظ الأنساب وجدت كثيرًا من المسلمين قد نبذوا دينهم وراءهم ظهريًا ومرقوًا منه وصار التصون والحياء ضربًا من الرجعية والجمود. أما الانحلال الخلقي وخلع رداء الحياء والعفاف فهو التقدم والرقي فإنا لله وإنا إليه راجعون (متفق عليه) أخرجه البخاري في أبواب تقصير الصلاة، ومسلم في الحج. وأخرجه أيضًا أحمد مرارًا ومالك في كتاب الجامع من الموطأ والشافعي في