للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

فقال رجل: يا رسول الله! اكتتبت في غزوة

ــ

أمهات المؤمنين فإنما أباه من جهة خاصة لا من جهة توقف السفر على المحرم. وأجيب بأن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهن أمهات المؤمنين وهم محارم لهن، لأن المحرم من لا يجوز له نكاحها على التأبيد، فكذلك أمهات المؤمنين حرام على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة ثم إنه اختلف القائلون باشتراط المحرم للمرأة أن وجود الزوج أو المحرم شرط الوجوب أو شرط وجوب الأداء فللحنفية فيه قولان، والذي اختاره في فتح القدير أنه مع الصحة وأمن الطريق شرط وجوب الأداء فيجب الإيصاء إن منع المرض أو خوف الطريق أو لم يوجد زوج ولا محرم ويجب عليها التزوج عند فقد المحرم، وعلى الأول لا يجب شيء من ذلك كما في البحر وفي النهر، وصحح الأول في البدائع ورجع الثاني ففي النهاية تبعًا لقاضي خان، لكن جزم في اللباب أنه لا يجب عليها التزوج مع أنه مشى على جعل المحرم أو الزوج شرط أداء، ورجع هذا في الجوهرة وابن أمير الحاج في المناسك ووجهه أنه لا يحصل غرضها بالتزوج لأن للزوج أن يمتنع من الخروج معها بعد أن يملكها، ولا تقدر على الخلاص منه، وربما لا يوافقها فتضرر منه بخلاف المحرم، فإنه إن وافقها أنفقت عليه، وإن امتنع أمسكت نفقتها وتركت الحج وقال المرداوي من الحنابلة: المحرم من شرائط الوجوب كالاستطاعة وغيرها وعليه أكثر الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في المحرم والفروع والحاويين والرعايتين وجزم به في المنهاج والإفادات. قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب وهو من المفردات، وعنه أن المحرم من شرائط لزوم أداء الحج (فلا يمنع الوجوب والاستقرار في الذمة) ، وجزم به في الوجيز وأطلقه الزركشي – انتهى. وفائدة الخلاف تظهر في وجوب الإيصاء به ثم لفظ ((امرأة)) في الحديث عام يشمل الشابة والعجوز لكن خص أبو الوليد الباجي المنع بغير العجوز التي لا تشتهى، أما هي فتسافر كيف شاءت في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم وتعقب بأن المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة. وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة، ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها لغلبة شهوته وقلة دينه ومروته وخيانته ونحو ذلك. وأجيب بأن الكلام إنما هي فيمن لا تشتهى أصلاً ورأسًا ولا نسلم أن من هي بهذه المثابة مظنة الطمع والميل إليها بوجه. قال ابن دقيق العيد: والذي قاله الباجي تخصيص العموم بالنظر إلى المعنى يعنى مراعاة الأمر الأغلب والمتعقب راعى الأمر النادر وهو الاحتياط. قال: والمتعقب على الباجي يرى جواز سفر المرأة وحدها في الأمن وسيرها في جملة القافلة فقد نظر أيضًا إلى المعنى مع كونه مخالفًا لظاهر الحديث يعنى فليس له أن ينكر على الباجي، وهذا الذي قاله من جواز سفرها وحدها هو قول للشافعي، نقله الكرابيسي، ولكن المشهور عن الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات ولا يشترط أن يخرج معهن محرم أو زوج لإحداهن لانقطاع الأطماع باجتماعهن (فقال رجل) قال الحافظ: لم أقف على اسم الرجل ولا امرأته ولا على تعيين الغزوة المذكورة (اكتتبت) بصيغة المجهول المتكلم من باب الافتعال (في غزوة

<<  <  ج: ص:  >  >>