عندهم متقررًا ولهذا حسن الإلحاق به، وفيه أنه يستحب للمفتي التنبيه على وجه الدليل إذا ترتب على ذلك مصلحة وهو أطيب لنفس المستفتي وأدعى لإذعانه، وفيه دليل على جواز الحج عن الميت وإن لم يوص لإلحاقه وتشبيهه بالدين , وقال مالك: إنما يحج عنه إذا أوصى، وإذا أوصى حج من الثلث قال الأمير اليماني: دل الحديث على وجوب التحجيج عن الميت سواء أوصى أم لم يوص، لأن الدين يجب قضاءه مطلقًا، وكذا سائر الحقوق المالية من كفارة ونحوها، وإلى هذا ذهب ابن عباس وزيد بن ثابت وأبو هريرة والشافعي، ويجب إخراج الأجرة من رأس المال عندهم، أي مقدمًا على الوصايا والميراث كدين الآدمي. وقال الحافظ: في هذا الحديث أن من مات وعليه حج وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من رأس ماله كما أن عليه قضاء ديونه فقد أجمعوا على أن دين الآدمي من رأس المال فكذلك ما شبه به في القضاء ويلتحق بالحج كل حق ثبت في ذمته من كفارة أو نذر أو زكاة أو غير ذلك. وفي قوله:((فالله أحق بالوفاء)) دليل على أنه مقدم على دين الآدمي وهو أحد أقوال الشافعي، وقيل: بالعكس، وقيل: هما سواء - انتهى. وقال العيني: قيل إذا اجتمع حق الله وحق العباد يقدم حق العباد فما معنى ((فهو أحق)) ؟ أجيب بأن معناه إذا كنت تراعي حق الناس فلأن تراعي حق الله كان أولى ولا دخل فيه للتقديم والتأخير إذ ليس معناه أحق بالتقديم - انتهى. قال الطيبي: في الحديث إشعار بأن المسئول عنه خلف مالاً فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حق الله مقدم على حق العباد واجب عليه الحج عنه. والجامع علة المالية، وتعقبه الحافظ والعيني بأنه لا يتحتم في الجواب المذكور أن يكون خلف مالاً كما زعم لأن قوله:((أكنت قاضيه)) أعم من أن يكون المراد مما خلفه أو تبرعًا - انتهى. قلت: ووافق الشافعي أحمد في التحجيج عن الميت من رأس المال. قال ابن قدامة (ج٣: ص٢٤٢) : متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج وجب أن يخرج من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر سواء فاته بتفريط، أو بغير تفريط، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت، فإن أوصي بها فهي من الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي - انتهى. وعند الحنفية في ذلك تفصيل كما في شرح اللباب والغنية (ص ١٧٣) قالوا: إذا تبرع أحد بدون الوصية أجزأ إن شاء الله. وقال النووي: تجب الاستنابة عن الميت إذا كان قد استطاع في حياته ولم يحج، هذا إذا كان له تركة، وإلا فلا يجب على الوارث، ويجوز للوارث والأجنبي الحج عنه سواء أوصي به أولم يوص - انتهى. وأستدل بالحديث على أنه يصح ممن لم يحج أن يحج نيابة عن غيره لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسأله حج عن نفسه أم لا؟ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - شبهه بالدين. ورد بأنه سيأتي في حديث شبرمة ما يدل على عدم إجزاء حج من لم يحج عن نفسه، وأما مسألة الدين فإنه لا يجوز له أن يصرف ماله إلى دين غيره وهو مطالب بدين نفسه (متفق عليه) هذا وهم من المصنف فإن الحديث من أفراد البخاري، وأخرجه في النذور، وأخرجه بقصة الجهنية في الحج، وفي الاعتصام، وأما مسلم فلم يخرجه أصلاً، ولعل المصنف قلد في ذلك صاحب جامع الأصول، والله أعلم. والحديث