إن امرأة من خثعم، قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يثبت على الراحلة،
ــ
يزل يلبي حتى رمى الجمرة. فكان الفضل حدث أخاه بما شاهده في تلك الحالة، ويحتمل أن يكون سؤال الخثعمية وقع بعد رمي جمرة العقبة فحضره ابن عباس فنقله تارة عن أخيه لكونه صاحب القصة، وتارة عما شاهده ويؤيد ذلك ما وقع عند الترمذي وأحمد (ج١: ص٧٥، ٧٦) ، وابنه عبد الله (ج١: ص٧٦) ، والطبري من حديث علي مما يدل على أن السؤال المذكور وقع عند المنحر بعد الفراغ من الرمي، وأن العباس كان شاهدًا، ولفظ أحمد من طريق عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال: وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال: هذا الموقف وعرفة كلها موقف , فذكر الحديث، وفيه ((ثم أتى المنحر فقال هذا المنحر ومنى كلها)) ، قال:((واستفتته)) ، وفي رواية ابنه عبد الله: ثم جاءته امرأة شابة من خثعم فقالت: إن أبي شيخ كبير قد أفند وقد أدركته فريضة الله في الحج، أفيجزئ عنه أن أؤدي عنه؟ قال: نعم فأدي عن أبيك. قال: وقد لوى عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شابًا وشابة فلم آمن عليهما الشيطان. وظاهر هذا أن العباس كان حاضرًا لذلك، فلا مانع أن يكون ابنه عبد الله أيضًا كان معه - انتهى. (إن امرأة) قال الحافظ: لم تسم (من خثعم) قال القسطلاني: بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة وفتح العين المهملة غير مصروف للعلمية والتأنيث باعتبار القبيلة لا العلمية ووزن الفعل، وهي قبيلة مشهورة، أي من اليمن. وقال السندي: غير منصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث لكونه اسم قبيلة. وقال القاري: أو قبيلة من اليمن سموا به، ويجوز صرفه ومنعه. قال الزرقاني: قبيلة مشهورة سميت باسم جدها واسمه: أفتل بن أنمار. قال الكلبي: إنما سمي خثعم بجمل يقال له: خثعم، ويقال أنه لما تحالف ولد أفتل على إخوته نحروا بعيرًا ثم تخثعموا بدمه، أي تلطخوا به بلغتهم (إن فريضة الله على عباده في الحج) ، أي في أمره وشأنه، ويمكن في بمعنى من للبيانية قاله القاري. (أدركت) ، أي الفريضة (أبي) لم يسم أيضًا وهو مفعول (شيخنا) حال (كبيرًا) نعت له، قال السندي: قوله ((أدركت أبي شيخنا كبيرًا)) إلخ، يفيد أن افتراض الحج لا يشترط له القدرة على السفر وقد قرر - صلى الله عليه وسلم - ذلك فهو يؤيد أن الاستطاعة المعتبرة في افتراض الحج ليست بالبدن، وإنما هي بالزاد والراحلة، والله تعالى أعلم. (لا يثبت على الراحلة) نعت آخر ويحتمل أن يكون حالاً أيضًا ويكون من الأحوال المتداخلة أو شيخًا بدل لكونه موصوفًا، أي وجب عليه الحج بأن أسلم وهو شيخ كبير وله المال أو حصل له المال في هذه الحالة، والأول أوجه. قال الطيبي: وفي رواية: ((لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره)) وفي رواية: ((لا يستمسك على الرحل)) وفي رواية من الزيادة: ((إن شددته خشيت أن يموت)) ، وحديث أبي هريرة عند ابن خزيمة بلفظ:((وإن شددت بالحبل على الراحلة خشيت أن أقتله)) قال الحافظ: وهذا يفهم منه على أن من قدر على هذين الأمرين من الثبوت على الراحلة أو الأمن عليه من