للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَقُولُ لَهُ الْمَلكُ: قِفْ أَنَا صَاحِبُ الْحَسَدِ، اضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَاحْمِلْهُ عَلَى عَاتِقِ الْحَسَدِ مَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ أَوْ يَعَمْلُ كَعَمَلَه، إِذَا رَأَى الْعَبِيدِ فِي الْفَضْلِ وَالْعَمَلِ وَالْعِبَادَةِ حَسَدَهُمْ وَوَقع فيهم.

قَالَ: وَيَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَيَلْعَنُهُ مادام حَيًّا.

قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ بِوُضُوءٍ تَامٍّ وَقِيَامٍ كَثِيرٍ.

فَيُمَرُّ عَلَى مَلَكِ السَّمَاءِ السَّابِعَةُ، فَيَقُولُ الْمَلَكُ: قِفْ أنَا صَاحِبُ الْعَمَلِ الَّذِي لِغَيْرِ اللَّهِ، اضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ جَوَارِحَهُ وَاقْفِلْ عَلَى قَلْبِهِ، أَنَا مَلَكُ الْحِجَابِ، أَحْجُبُ كُلَّ عَمَلٍ لَيْسَ لِلَّهِ، أَرَادَ بِهِ صَاحِبُهُ غَيْرَ اللَّهِ، وَأَرَاد بِهِ الذِّكْرَ فِي الْمَجَالِسِ وَالصِّيتَ فِي الْمَدَائِنِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَهُ يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ.

قَالَ: وَيَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا بِهِ مِنْ حُسْنِ خُلُقِ وَسَمْتٍ وَذِكْرٍ كَبِيرٍ.

وَتُشَيِّعُهُ الْمَلائِكَةُ السَّبْعَةُ تَحْمِلُ عَمَلَهُ، فَيَصْعَدُونَ الْحُجُبَ كُلَّهَا حَتَّى يَقُومُوا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، فَيَشْهَدُوا عَلَيْهِ بَعَمَلٍ خَالِصٍ وَدُعَاءٍ.

فَيَقُول الرب عزوجل: أَنْتُم الْحفظَة وَأَنَا الرَّقِيبُ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: - إِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِعَمَلِهِ وَجْهِي.

فَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ: عَلَيْهِ لَعْنَتُكَ وَلَعْنَتُنَا.

فَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: عَلَيْهِ لَعْنَتُكَ وَلَعْنَتُنَا.

قَالَ: فَبَكَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِي أَعْمَلُ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتَدِ بِنَبِيِّكَ يَا مُعَاذُ فِي الْيَقِينِ.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ.

فَقَالَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنَّ كَانَ فِي عَمَلِكَ تَقْصِيرٌ يَا مُعَاذُ اقْطَعْ لِسَانَكَ عَنْ إِخْوَانِكَ، وَلا تُزِكِّ نَفْسَكَ بِوَضْعِ إِخَوانِكَ، وَلَا ترائى بِعَمَلِكَ، وَلا تُفْحِشْ فِي مَجَالِسِكَ لِكَي يَحْذَرُوكَ لِسُوءِ خُلُقِكَ، وَلا تتناجى مَعَ رَجُلٍ وَعِنْدَكَ آخَرُ، وَلا تَعْظُمْ عَلَى النَّاسِ فَتُقْطَعُ عَنْكَ خَيْرَاتُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلا تُمَزِّقِ النَّاسَ - فَتُمَزِّكُ -[فَتُمَزِّقُكَ] كِلابُ النَّارِ، وَذَلِكَ قَول الله عزوجل فِي كِتَابه (والناشطات نشطا) أَتَدْرِي مَا هُوَ؟ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا هُوَ؟ قَالَ: كِلابُ النَّارِ تُنْشَطُ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يُطِيقُ هَذِهِ الْخِصَالَ؟ قَالَ مُعَاذٌ: إِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يسر الله عزوجل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>