حرية التصرف الفاسد بأموالهم، ثم إنه يحظى بصحبة شريرة وصداقة سخيفة مع نوع من أرذل مخلوقات الله وهم الشياطين:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} ١ وهذه الأخوة الشيطانية خليقة أن تجعل كل مدخن يستحي من ربه، ولا يستمرئ هذه الهواية التي هي عين الغواية، وأن يتوقف منذ اللحظة عن تعاطي هذه اللفائف التي هي أبوا ب الفساد والإتلاف. إذ لا شك أن المدخن يبتاع بماله ما يدخل الفتور والإضعاف على بدنه، فيجمع بين ضررين في وقت واحد! وإذا كان الإسراف في حد ذاته محرما، فكيف بمن يجعل الإسراف مدعاة للإتلاف والإضعاف؟
علم الله إنه للجنون بعينه: أن ينساق المدخنون إلى حتفهم بظلفهم، وأن يسعوا بأنفسهم لشراء المنية بأموالهم! ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات.. وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال، وإضاعة المال".
فلو لم يكن التدخين محرما لما فيه من كثرة الإسراف، فإنه لمحرم أشد التحريم لما فيه من الانتحار البطيء الذي يستنزف طاقة المدخن وعافيته حتى لا يكف عن السعال والهزال.
خطر التدخين على الاقتصاد القومي
ورد في (أمور بديهية عن التدخين: common sense about smoking ١٩٦٣) أن الباحثين توصلوا إلى أن الشخص الذي يبتدئ حياته التدخينية في حوالي السابعة عشر من عمره –ينفق في بريطانيا وحدها ما يقرب من (أربعة آلاف جنيه إسترليني) على التدخين. أي ما يعادل (ثلاثين ألف ريال تقريبا) على السيجارة وحدها. ومن المؤكد أن هذه المبالغ قد تضاعفت بسبب ارتفاع الأسعار.
ويؤخذ من تقرير لجنة المستشارين لوزارة الصحة الأمريكية: أن المدخنين كانوا سببا في إشعال نيران الحرائق بنسبة أكثر من غيرهم، لأن كثيرا من المدخنين تطيش عقولهم فيذهلون عن عقب السيجارة..وقد يدهمهم النوم وهو مازال بين أصابعهم فيتسببون في إشعال النار في فراشهم، وبيوتهم يكونون هم أول الضحايا..!
وكم من فنادق صارت أنقاضا، ومنشآت أصبحت رمادا، ومؤسسات انصهرت واحترقت فيها مئات الأجساد بسبب غفلة من مدخن، أوقعه سوء عمله في إهلاك نفسه وإهلاك من معه!!