للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون مَا سواهَا مِنَ الْأَمَاكِنِ. مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ كَانَ كَافِرًا بِهِ وَبِعَرْشِهِ.

وَالْأَنْوَارُ الْمَخْلُوقَةُ لَيْسَ مِنْهَا نُورٌ إِلَّا وَلَهُ ضَوْءٌ سَاطِعٌ، وَمَنْظَرٌ رائع فيكف النَّورُ الْأَعْظَمُ خَالِقُ الْأَنْوَارِ١ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ؟!.

وَزَعَمْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَصِفْ نَفْسَهُ أَنَّهُ بِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ، وَلَكِنَّهُ بِكُلِّ مَكَانٍ. وَتَأَوَّلْتَ فِي ذَلِكَ بِمَا تَأَوَّلَ٢ بِهِ جَهْمٌ٣ قَبْلَكَ، فَقُلْتَ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} ٤ الآيَةَ ثُمَّ رَوَيْتَ عَنْ أَبِي مُوسَى٥، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَقَدْ رَفَعُوا الصَّوْتَ بِالتَّكْبِيرِ: "إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّه أقرب إِلَيْكُم من رُؤْس رَوَاحِلِكُمْ" ٦.

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضُ: هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ الرَّسُولُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم٧


١ قَوْله: "الْأَعْظَم خَالق الْأَنْوَار" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
٢ فِي ش "بِمَا تأولت" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
٣ فِي ط، س، ش "جهم بن صَفْوَان" وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"١٤٧".
٤ سُورَة المجادلة آيَة "٧".
٥ تقدم ص"٢٥١".
٦ رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب اسْتِحْبَاب خفض الصَّوْت بِالذكر حَدِيث ٢٧٠٤ جـ٤ ص"٢٠٧٦-٢٠٧٧" عَن أبي مُوسَى بِلَفْظ "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سفر، فَجعل النَّاس يجهرون بِالتَّكْبِيرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ. إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبا. إِنَّكُم تدعون سمعيًا قَرِيبا وَهُوَ مَعكُمْ ... " إِلَخ وَفِي لفظ: "وَالَّذِي تَدعُونَهُ أقرب إِلَى أحدكُم من عنق رَاحِلَة أحدكُم".
٧ عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>